للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مِنَ الزَّوَاجِرِ وَالْمَوَاعِظِ، وَمِثْلُ أَهْلِ الزَّيْغِ وَالضَّلَالِ فِي الِاعْتِقَادِ مِمَّنْ يُؤْذَنُ حَالُهُمْ بِالْإِعْرَاضِ عَنْ أَدِلَّةِ الِاعْتِقَادِ الْحَقِّ، وَإِيثَارُ الْهَوَى النَّفْسِيِّ وَالْعَصَبِيَّةِ عَلَى أَدِلَّةِ الِاعْتِقَادِ الْإِسْلَامِيِّ الْحَقِّ. فَعَنِ الثَّوْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ: كَانُوا يَرَوْنَ تَنْزِيلَ هَذِهِ الْآيَةِ عَلَى مَنْ يَصْحَبُ سَلَاطِينَ الْجَوْرِ. وَعَنْ مَالِكٍ: لَا تُجَالِسِ الْقَدَرِيَّةَ وَعَادَهِمْ فِي اللَّهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: لَا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ.

وَقَالَ فقهاؤنا: يجوز أَن يَجِبُ هُجْرَانُ ذِي الْبِدْعَةِ الضَّالَّةِ أَوْ الِانْغِمَاسِ فِي الْكَبَائِرِ إِذَا لَمْ يَقْبَلِ الْمَوْعِظَةَ.

وَهَذَا كُلُّهُ مِنْ إِعْطَاءِ بَعْضِ أَحْكَامِ الْمَعْنَى الَّذِي فِيهِ حُكْمٌ شَرْعِيٌّ أَوْ وَعِيدٌ لِمَعْنًى آخَرَ فِيهِ وَصْفٌ مِنْ نَوْعِ الْمَعْنَى ذِي الْحُكْمِ الثَّابِتِ. وَهَذَا يَرْجِعُ إِلَى أَنْوَاعٍ مِنَ الشَّبَهِ فِي مَسَالِكِ الْعِلَّةِ لِلْقِيَاسِ فَإِنَّ الْأَشْيَاءَ مُتَفَاوِتَةٌ فِي الشَّبَهِ.

وَقَدِ اسْتَدَلَّ أَيِمَّةُ الْأُصُولِ عَلَى حُجِّيَّةِ الْإِجْمَاعِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: وَمَنْ يُشاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ [النِّسَاء: ١١٥] مَعَ أَنَّ مَهْيَعَ الْآيَةِ الْمُحْتَجِّ بِهَا إِنَّمَا هُوَ الْخُرُوجُ عَنِ الْإِسْلَامِ وَلَكِنَّهُمْ رَأَوُا الْخُرُوجَ مَرَاتِبَ مُتَفَاوِتَةً فَمُخَالَفَةُ إِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ كُلِّهِمْ فِيهِ شَبَهُ اتِّبَاعِ غَيْرِ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ.

أُولئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ.

الْإِشَارَةُ إِلَى الْقَوْمِ الْمَوْصُوفِينَ بِأَنَّهُمْ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كانُوا آباءَهُمْ أَوْ أَبْناءَهُمْ أَوْ إِخْوانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ.

وَالْجُمْلَةُ مُسْتَأْنَفَةٌ اسْتِئْنَافًا بَيَانِيًّا لِأَنَّ الْأَوْصَافَ السَّابِقَةَ وَوُقُوعُهَا عَقِبَ مَا وُصِفَ بِهِ الْمُنَافِقُونَ مِنْ مُحَادَّةِ الله وَرَسُوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَابِقًا وَآنِفًا، وَمَا تَوَعَّدَهُمُ اللَّهُ بِهِ أَنَّهُ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ، وَأَنَّهُمْ حِزْبُ الشَّيْطَانِ، وَأَنَّهُمُ