للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَالْمَعْنَى: الْأَمْرُ بِضَبْطِ أَيَّامِ الْعِدَّةِ وَالْإِتْيَانُ عَلَى جَمِيعِهَا وَعَدَمُ التَّسَاهُلِ فِيهَا لِأَنَّ التَّسَاهُلَ فِيهَا ذَرِيعَةٌ إِلَى أَحَدِ أَمْرَيْنِ إِمَّا التَّزْوِيجِ قَبْلَ انْتِهَائِهَا فَرُبَّمَا اخْتَلَطَ النَّسَبُ، وَإِمَّا تَطْوِيلِ الْمُدَّةِ عَلَى الْمُطَلَّقَةِ فِي أَيَّامِ مَنْعِهَا مِنَ التَّزَوُّجِ لِأَنَّهَا فِي مُدَّةِ الْعِدَّةِ لَا تَخْلُو مِنْ حَاجَةٍ إِلَى مَنْ يَقُومُ بِهَا.

وَأَمَّا فَوَاتُ أَمَدِ الْمُرَاجَعَةِ إِذَا كَانَ الْمُطَلِّقُ قَدْ ثَابَ إِلَى مُرَاجَعَةِ امْرَأَتِهِ.

وَالتَّعْرِيفُ فِي الْعِدَّةِ لِلْعَهْدِ فَإِنَّ الِاعْتِدَادَ مَشْرُوعٌ مِنْ قَبْلُ كَمَا عَلِمْتَهُ آنِفًا وَالْكَلَامُ عَلَى تَقْدِيرٍ مُضَافٍ لِأَنَّ الْمُحْصَى أَيَّامُ الْعِدَّةِ.

وَالْمُخَاطَبُ بِضَمِيرِ أَحْصُوا هُمُ الْمُخَاطَبُونَ بِضَمِيرِ إِذا طَلَّقْتُمُ فَيَأْخُذُ كُلُّ مَنْ يَتَعَلَّقُ بِهِ هَذَا الْحُكْمُ حَظَّهُ مِنَ الْمُطَلِّقِ وَالْمُطَلَّقَةِ وَمَنْ يَطَّلِعُ عَلَى مُخَالَفَةِ ذَلِكَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَخَاصَّةً وُلَاةَ الْأُمُورِ مِنَ الْحُكَّامِ وَأَهْلِ الْحِسْبَةِ فَإِنَّهُمُ الْأَوْلَى بِإِقَامَةِ شَرَائِعِ اللَّهِ فِي الْأُمَّةِ وَبِخَاصَّةٍ إِذَا رَأَوْا تَفَشِّيَ الِاسْتِخْفَافِ بِمَا قَصَدَتْهُ الشَّرِيعَةُ. وَقَدْ بَيِّنَّا ذَلِكَ فِي بَابِ مَقَاصِدِ الْقَضَاءِ مِنْ كِتَابِي «مَقَاصِدُ الشَّرِيعَةِ» .

فَفِي الْعِدَّةِ مَصَالِحُ كَثِيرَةٌ وَتَحْتَهَا حُقُوقٌ مُخْتَلِفَةٌ اقْتَضَتْهَا تِلْكَ الْمَصَالِحُ الْكَثِيرَةُ وَأَكْثَرُ تِلْكَ الْحُقُوقِ لِلْمُطَلِّقِ وَالْمُطْلَقَةِ وَهِيَ تَسْتَتْبِعُ حُقُوقًا لِلْمُسْلِمِينَ وَوُلَاةِ أُمُورِهِمْ فِي الْمُحَافَظَةِ عَلَى تِلْكَ الْحُقُوقِ وَخَاصَّةً عِنْدَ التَّحَاكُمِ.

وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ.

اعْتِرَاضٌ بَيْنَ جُمْلَةِ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَجُمْلَةِ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَالْوَاوُ اعْتِرَاضِيَّةٌ.

وَحُذِفَ مُتَعَلَّقُ اتَّقُوا اللَّهَ لِيَعُمَّ جَمِيعَ مَا يُتَّقَى اللَّهُ فِيهِ فَيَكُونُ هَذَا مِنْ قَبِيلِ الِاعْتِرَاضِ التَّذْيِيلِيِّ وَأَوَّلُ مَا يُقْصَدُ بِأَنْ يُتَّقَى اللَّهُ فِيهِ مَا سِيقَ الْكَلَامُ لِأَجْلِهِ.

فَقَوْلُهُ: وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ تَحْذِيرٌ مِنَ التَّسَاهُلِ فِي أَحْكَامِ الطَّلَاقِ وَالْعِدَّةِ. ذَلِك أَنَّ أَهْلَ الْجَاهِلِيَّةِ لَمْ يَكُونُوا يُقِيمُونَ لِلنِّسَاءِ وَزْنًا وَكَانَ قُرَابَةُ الْمُطَلَّقَاتِ قَلَّمَا يُدَافِعْنَ عَنْهُنَّ فَتَنَاسَى النَّاسُ تِلْكَ الْحُقُوقَ وَغَمَصُوهَا فَلِذَلِكَ كَانَتْ هَذِهِ الْآيَاتُ