شَدِيدَةَ اللَّهْجَةِ فِي التَّحَدِّي، وَعَبَّرَ عَنْ تِلْكَ الْحُقُوقِ بِالتَّقْوَى وَبِحُدُودِ اللَّهِ وَلِزِيَادَةِ الْحِرْصِ عَلَى التَّقْوَى اتْبُعَ اسْمُ الْجَلَالَةِ بِوَصْفِ رَبَّكُمُ لِلتَّذْكِيرِ بِأَنَّهُ حَقِيقٌ بِأَنْ يُتَّقَى غَضَبُهُ.
لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ.
اسْتِئْنَافٌ أَوْ حَالٌ مِنْ ضَمِيرِ أَحْصُوا الْعِدَّةَ، أَيْ حَالَةَ كَوْنِ الْعِدَّةِ فِي بِيُوتِهِنَّ، وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ بَدَلَ اشْتِمَالٍ مِنْ مَضْمُونِ جُمْلَةِ أَحْصُوا الْعِدَّةَ لِأَنَّ مَكْثَهُنَّ فِي بُيُوتِهِنَّ فِي مُدَّةِ الْعِدَّةِ يُحَقِّقُ مَعْنَى إِحْصَاءِ الْعِدَّةِ.
وَلِكِلَا الْوَجْهَيْنِ جُرِّدَتِ الْجُمْلَةُ عَنِ الِاقْتِرَانِ بِالْوَاوِ جَوَازًا أَوْ وُجُوبًا.
وَفِي إِضَافَةِ الْبُيُوتِ إِلَى ضَمِيرِ النِّسَاءِ إِيمَاءٌ إِلَى أَنَّهُنَّ مُسْتَحِقَّاتٌ الْمَكْثَ فِي الْبُيُوتِ مُدَّةَ الْعِدَّةِ بِمَنْزِلَةِ مَالِكِ الشَّيْءِ وَهَذَا مَا يُسَمَّى فِي الْفِقْهِ مِلْكَ الِانْتِفَاعِ دُونَ الْعَيْنِ وَلِأَنَّ بَقَاءَ الْمُطَلَّقَاتِ فِي الْبُيُوتِ اللَّاتِي كُنَّ فِيهَا أَزْوَاجًا اسْتِصْحَابٌ لِحَالِ الزَّوْجِيَّةِ إِذِ الزَّوْجَةُ هِيَ الْمُتَصَرِّفَةُ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا وَلِذَلِكَ يَدْعُوهَا الْعَرَبُ «رَبَّةَ الْبَيْتِ» وَلِلْمُطَلَّقَةِ حُكْمُ الزَّوْجَةِ مَا دَامَتْ فِي الْعِدَّةِ إِلَّا فِي اسْتِمْتَاعِ الْمُطَلِّقِ.
وَهَذَا الْحُكْمُ سَبَبُهُ مُرَكَّبٌ مِنْ قَصْدِ الْمُكَارَمَةِ بَيْنَ الْمُطَلِّقِ وَالْمُطَلَّقَةِ. وَقَصْدُ الِانْضِبَاطِ فِي عِلَّةِ الِاعْتِدَادِ تَكْمِيلًا لِتَحَقُقِ لِحَاقِ مَا يَظْهَرُ مِنْ حَمْلٍ بِأَبِيهِ الْمُطَلِّقِ حَتَّى يَبْرَأَ النَّسَبُ مِنْ
كُلِّ شَكٍّ.
وَجُمْلَةُ وَلا يَخْرُجْنَ عَطْفٌ عَلَى جُمْلَةٍ لَا تُخْرِجُوهُنَّ وَهُوَ نَهْيٌ لَهُنَّ عَنِ الْخُرُوجِ فَإِنَّ الْمُطَلِّقَ قَدْ يُخْرِجُهَا فَتَرْغَبُ الْمُطَلَّقَةُ فِي الْخُرُوجِ لِأَنَّهَا تَسْتَثْقِلُ الْبَقَاءَ فِي بَيْتٍ زَالَتْ عَنْهُ سِيَادَتُهَا فَنَهَاهُنَّ اللَّهُ عَنِ الْخُرُوجِ. فَإِذَا كَانَ الْبَيْتُ مُكْتَرًى سَكَنَتْهُ الْمُطَلَّقَةُ وَكِرَاؤُهُ عَلَى الْمُطَلِّقِ وَإِذَا انْتَهَى أَمَدُ كَرَائِهِ فَعَلَى الْمُطَلِّقِ تَجْدِيدُهُ إِلَى انْتِهَاءِ عِدَّةِ الْمُطَلَّقَةِ.
وَهَذَا التَّرْتِبُ بَيْنَ الْجُمْلَتَيْنِ يُشْعِرُ بِالسَّبَبِيَّةِ وَأَنَّ لِكُلِّ امْرَأَةٍ مُعْتَدَّةٍ حَقَّ السُّكْنَى فِي بَيْتِ زَوْجِهَا مُدَّةَ الْعِدَّةِ لِأَنَّهَا مُعْتَدَّةٌ لِأَجْلِهِ أَيْ لِأَجْلِ حِفْظِ نَسَبِهِ وَعِرْضِهِ فَهَذَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute