للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رَسُولَهُ خَيْرًا مِنْكُنَّ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَسى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْواجاً خَيْراً مِنْكُنَّ مُسْلِماتٍ

الْآيَةَ.

وَهِيَ مَوْعِظَةٌ بِأَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لَهُ بِطَلَاقِهِنَّ وَأَنَّهُ تَصِيرُ لَهُ أَزْوَاجٌ خَيْرٌ مِنْهُنَّ.

وَهَذَا إِشَارَةٌ إِلَى الْمَعْنَى السَّادِسَ عَشَرَ مِنْ مَوَاعِظِ هَذِهِ الْآيِ.

وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ أَنْ يُبْدِلَهُ بِتَشْدِيدِ الدَّالِّ مُضَارِعِ بَدَّلَ. وَقَرَأَهُ يَعْقُوبُ بِتَخْفِيفٍ مُضَارِعِ أَبْدَلَ.

وَالْمُسْلِمَاتُ: الْمُتَّصِفَاتُ بِالْإِسْلَامِ. وَالْمُؤْمِنَاتُ: الْمُصَدِّقَاتُ فِي نُفُوسِهِنَّ.

وَالْقَانِتَاتُ: الْقَائِمَاتُ بِالطَّاعَةِ أَحْسَنَ قِيَامٍ. وَتَقَدَّمَ الْقُنُوتُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَقُومُوا لِلَّهِ قانِتِينَ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ [٢٣٨] . وَقَوْلُهُ: وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ فِي سُورَةِ الْأَحْزَابِ [٣١] .

وَفِي هَذَا الْوَصْفِ إِشْعَارٌ بِأَنَّهُنَّ مُطِيعَاتٌ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ فَفِيهِ تَعْرِيضٌ لِمَا وَقَعَ مِنْ تَقْصِيرِ إِحْدَاهُنَّ فِي ذَلِكَ فَعَاتَبَهَا اللَّهُ وَأَيْقَظَهَا لِلتَّوْبَةِ.

وَالتَّائِبَاتُ: الْمُقْلِعَاتُ عَنِ الذَّنْبِ إِذَا وَقَعْنَ فِيهِ. وَفِيهِ تَعْرِيضٌ بِإِعَادَةِ التَّحْرِيضِ عَلَى التَّوْبَةِ مِنْ ذَنْبِهِمَا الَّتِي أُمِرَتَا بِهَا بِقَوْلِهِ: إِنْ تَتُوبا إِلَى اللَّهِ [التَّحْرِيم: ٤] .

وَالْعَابِدَاتُ: الْمُقْبِلَاتُ عَلَى عِبَادَةِ اللَّهِ وَهَذِهِ الصِّفَاتُ تُفِيدُ الْإِشَارَةَ إِلَى فَضْلِ هَذِهِ التَّقْوَى وَهُوَ الْمَعْنَى السَّابِعَ عَشَرَ مِنْ مَعَانِي الْعِبْرَةِ فِي هَذِهِ الْآيَاتِ.

وَالسَّائِحَاتُ: الْمُهَاجِرَاتُ وَإِنَّمَا ذُكِرَ هَذَا الْوَصْفُ لِتَنْبِيهِهِنَّ عَلَى أَنَّهُنَّ إِنْ كُنَّ يَمْتُنَّ بِالْهِجْرَةِ فَإِنَّ الْمُهَاجِرَاتِ غَيْرَهُنَّ كَثِيرٌ، وَالْمُهَاجِرَاتُ أَفْضَلُ مِنْ غَيْرِهِنَّ، وَهَذِهِ الصِّفَةُ تُشِيرُ إِلَى الْمَعْنَى الثَّامِنَ عَشَرَ مِنْ مَعَانِي الِاعْتِبَارِ فِي هَذِهِ الْآيِ.

وَهَذِهِ الصِّفَاتُ انْتَصَبَتْ عَلَى أَنَّهَا نُعُوتٌ لِ أَزْواجاً، وَلَمْ يُعْطَفْ بَعْضُهَا على بعض الْوَاو، لِأَجْلِ التَّنْصِيصِ عَلَى ثُبُوتِ جَمِيعِ تِلْكَ الصِّفَاتِ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ وَلَوْ عُطِفَتْ بِالْوَاوِ لِاحْتِمَلِ أَنْ تَكُونَ الْوَاوُ لِلتَّقْسِيمِ، أَيْ تَقْسِيمِ الْأَزْوَاجِ إِلَى مَنْ يَثْبُتُ لَهُنَّ بَعْضُ تِلْكَ الصِّفَاتِ دُونَ بَعْضٍ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَمَّا أُرِيدَتْ إِفَادَةُ ثُبُوتِ إِحْدَى صِفَتَيْنِ دُونَ أُخْرَى مِنَ النَّعْتَيْنِ الْوَاقِعَيْنِ بَعْدَ ذَلِكَ كَيْفَ عُطِفَ بِالْوَاوِ قَوْلُهُ: