يَكْفِي الْخَلِيفَةَ أَنَّ اللَّهَ سَرْبَلَهُ ... سِرْبَالَ مُلْكٍ بِهِ تُزْجَى الْخَوَاتِيمُ
وَالْخِتَامُ بِوَزْنِ كِتَابٍ: اسْمٌ لِلطِّينِ الَّذِي يُخْتَمُ بِهِ كَانُوا يَجْعَلُونَ طِينَ الْخِتَامِ عَلَى مَحَلِّ السِّدَادِ مِنَ الْقَارُورَةِ أَوِ الْبَاطِيَةِ أَوِ الدَّنِّ لِلْخَمْرِ لِمَنْعِ تَخَلُّلِ الْهَوَاءِ إِلَيْهَا وَذَلِكَ أَصْلَحُ لِاخْتِمَارِهَا وَزِيَادَةِ صَفَائِهَا وَحِفْظِ رَائِحَتِهَا. وَجُعِلَ خِتَامُ خَمْرِ الْجَنَّةِ بِعَجِينِ الْمِسْكِ عِوَضًا عَنْ طِينِ الْخَتْمِ.
وَالْمِسْكُ مَادَّةٌ حَيَوَانِيَّةٌ ذَاتُ عَرْفٍ طَيِّبٍ مَشْهُورٍ طِيبُهُ وَقُوَّةُ رَائِحَتِهِ مُنْذُ الْعُصُورِ الْقَدِيمَةِ، وَهَذِهِ الْمَادَّةُ تَتَكَوَّنُ فِي غُدَّةٍ مَمْلُوءَةٍ دَمًا تَخْرُجُ فِي عُنُقِ صِنْفٍ مِنَ الْغَزَالِ فِي بِلَادِ التِّيبِيتِ مِنْ أَرْضِ الصِّينِ فَتَبْقَى مُتَّصِلَةً بِعُنُقِهِ إِلَى أَنْ تَيْبَسَ فَتَسْقُطُ فَيَلْتَقِطُهَا طُلَّابُهَا وَيَتَّجِرُونَ فِيهَا. وَهِيَ جِلْدَةٌ فِي شَكْلِ فَأْرٍ صَغِيرٍ وَلِذَلِكَ يَقُولُونَ: فَأْرَةُ الْمِسْكِ.
وَفُسِّرَ خِتامُهُ مِسْكٌ بِأَنَّ الْمَعْنَى خِتَامُ شُرْبِهِ، أَيْ آخِرُ شُرْبِهِ مِسْكٌ، أَيْ طَعْمُ الْمِسْكِ بِمَعْنَى نَكْهَتِهِ، وَأَنْشَدَ ابْنُ عَطِيَّةَ قَوْلَ ابْنِ مُقْبِلٍ:
مِمَّا يُعَتِّقُ فِي الْحَانُوتِ قَاطِفُهَا ... بِالْفُلْفُلِ الْجَوْنِ وَالرُّمَّانِ مَخْتُومُ
أَيْ يَنْتَهِي بِلَذْعِ الْفُلْفُلِ وَطَعْمِ الرُّمَّانِ.
وَجُمْلَةُ: خِتامُهُ مِسْكٌ نَعْتٌ لِ رَحِيقٍ أَوْ بَدَلٌ مُفَصَّلٌ مِنْ مُجْمَلٍ، أَوِ اسْتِئْنَاف بياني ناشىء عَنْ وَصْفِ الرَّحِيقِ بِأَنَّهُ مَخْتُومٍ أَنْ يَسْأَلَ سَائِلٌ عَنْ خِتَامِهَا أَيُّ شَيْءٍ هُوَ مِنْ أَصْنَافِ الْخِتَامِ لِأَنَّ غَالِبَ الْخِتَامِ أَنْ يَكُونَ بِطِينٍ أَوْ سِدَادٍ.
وَجُمْلَةُ: وَفِي ذلِكَ فَلْيَتَنافَسِ الْمُتَنافِسُونَ مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَ جُمْلَةِ خِتامُهُ مِسْكٌ وَجُمْلَةِ وَمِزاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ وَاعْلَمْ أَنَّ نَظْمَ التَّرْكِيبِ فِي هَذِهِ الْجُمْلَةِ دَقِيقٌ يَحْتَاجُ إِلَى بَيَانٍ وَذَلِكَ أَنْ نَجْعَلَ الْوَاوَ اعْتِرَاضِيَّةً فَقَوْلُهُ: وَفِي ذلِكَ هُوَ مَبْدَأُ الْجُمْلَةِ. وَتَقْدِيمُ الْمَجْرُورِ لِإِفَادَةِ الْحَصْرِ أَيْ وَفِي ذَلِكَ الرَّحِيقِ فَلْيَتَنَافَسِ النَّاسُ لَا فِي رَحِيقِ الدُّنْيَا الَّذِي يَتَنَافَسُ فِيهِ أَهْلُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute