للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إِلَى السَّدَنَةِ لِيُطْعِمُوا مِنْ أَلْبَانِهَا أَبْنَاءَ السَّبِيلِ. وَكَانَتْ عَلَامَتُهَا أَنْ تُقْطَعَ قِطْعَةٌ مِنْ جِلْدَةِ فَقَارِ الظَّهْرِ، فَيُقَالُ لَهَا: صَرِيمٌ وَجَمْعُهُ صُرُمٌ، وَإِذَا وَلَدَتِ النَّاقَةُ عَشَرَةَ أَبْطُنٍ كُلَّهُنَّ إِنَاثٌ مُتَتَابِعَةٌ سَيَّبُوهَا أَيْضًا فَهِيَ سَائِبَةٌ، وَمَا تَلِدُهُ السَّائِبَةُ يَكُونُ بَحِيرَةً فِي قَوْلِ بَعْضِهِمْ. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَكُونُ مِثْلَهَا سَائِبَةً.

وَالْوَصِيلَةُ مِنَ الْغَنَمِ هِيَ الشَّاةُ تَلِدُ أُنْثَى بَعْدَ أُنْثَى، فَتُسَمَّى الْأُمُّ وَصِيلَةً لِأَنَّهَا وَصَلَتْ أُنْثَى بِأُنْثَى، كَذَا فَسَّرَهَا مَالِكٌ فِي رِوَايَةِ ابْنِ وَهْبٍ عَنْهُ، فَعَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ تَكُونُ الْوَصِيلَةُ هِيَ الْمُتَقَرَّبَ بِهَا، وَيَكُونُ تَسْلِيطُ نَفْيِ الْجَعْلِ عَلَيْهَا ظَاهِرًا. وَقَالَ الْجُمْهُورُ: الْوَصِيلَةُ أَنْ تَلِدَ الشَّاةُ خَمْسَةَ أَبْطُنٍ أَوْ سَبْعَةً (عَلَى اخْتِلَافِ مُصْطَلَحِ الْقَبَائِلِ) فَالْأَخِيرُ إِذَا كَانَ ذَكَرًا ذَبَحُوهُ لِبُيُوتِ الطَّوَاغِيتِ وَإِنْ كَانَتْ أُنْثَى اسْتَحْيَوْهَا، أَيْ لِلطَّوَاغِيتِ، وَإِنْ أَتْأَمَتِ اسْتَحْيَوْهُمَا جَمِيعًا وَقَالُوا: وَصَلَتِ الْأُنْثَى أَخَاهَا فَمَنَعَتْهُ مِنَ الذَّبْحِ، فَعَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ فَالْوَصِيلَةُ حَالَةٌ مِنْ حَالَاتِ نَسْلِ الْغَنَمِ، وَهِيَ الَّتِي أَبْطَلَهَا اللَّهُ تَعَالَى، وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لِبَقِيَّةِ أَحْوَالِ الشَّاةِ.

وَالْأَظْهَرُ أَنَّ الْوَصِيلَةَ اسْمٌ لِلشَّاةِ الَّتِي وَصَلَتْ سَبْعَةَ أَبْطُنٍ إِنَاثًا، جَمْعًا بَيْنَ تَفْسِيرِ مَالِكٍ

وَتَفْسِيرِ غَيْرِهِ، فَالشَّاةُ تُسَيَّبُ لِلطَّوَاغِيتِ، وَمَا ذَكَرُوهُ مِنْ ذَبْحِ وَلَدِهَا أَوِ ابْنَتِهَا هُوَ مِنْ فُرُوعِ اسْتِحْقَاقِ تَسْيِيبِهَا لِتَكُونَ الْآيَةُ شَامِلَةً لِأَحْوَالِهَا كُلِّهَا. وَعَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ: الْوَصِيلَةُ الشَّاةُ تُتْئِمُ فِي خَمْسَةِ أَبْطُنٍ عَشَرَةَ إِنَاثٍ فَمَا وَلَدَتْ بَعْدَ ذَلِكَ فَهُوَ لِلذُّكُورِ مِنْهُمْ دُونَ النِّسَاءِ إِلَّا أَنْ يَمُوتَ شَيْءٌ مِنْهَا فَيَشْتَرِكُ فِي أَكْلِهِ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ.

وَفِي «صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ» عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ: أَنَّ الْوَصِيلَةَ مِنَ الْإِبِلِ إِذَا بَكَّرَتِ النَّاقَةُ فِي أَوَّلِ إِنْتَاجِ الْإِبِلِ بِأُنْثَى ثُمَّ تُثَنِّي بَعْدُ بِأُنْثَى فِي آخِرِ الْعَامِ فَكَانُوا يَجْعَلُونَهَا لِطَوَاغِيتِهِمْ.

وَهَذَا قَالَهُ سَعِيدٌ مِنْ نَفْسِهِ وَلَمْ يَرْوِهِ عَن النبيء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَوَقَعَ فِي سِيَاقِ الْبُخَارِيِّ إِيهَامٌ اغْتَرَّ بِهِ بَعْضُ الشَّارِحِينَ وَنَبَّهَ عَلَيْهِ فِي «فَتْحِ الْبَارِي» . وَعَلَى الْوُجُوهِ كُلِّهَا فَالْوَصِيلَةُ فَعِيلَةٌ بِمَعْنَى فَاعِلَةٍ.

وَالْحَامِي هُوَ فَحْلُ الْإِبِلِ إِذَا نُتِجَتْ مِنْ صُلْبِهِ عَشَرَةَ أَبْطُنٍ فَيُمْنَعُ مِنْ أَنْ يُرْكَبَ أَوْ يُحْمَلَ عَلَيْهِ وَلَا يُمْنَعُ مِنْ مَرْعًى وَلَا مَاءٍ. وَيَقُولُونَ: إِنَّهُ حَمَى ظَهْرَهُ، أَيْ كَانَ