للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يَصْنَعُونَ. وَلِذَلِكَ رَتَّبُوا عَلَيْهِ وَفَرَّعُوا بِالْفَاءِ قَوْلَهُمْ: فَهَلْ لَنا مِنْ شُفَعاءَ إِلَى آخِرِهِ.

وَالِاسْتِفْهَامُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حَقِيقِيًّا يَقُولُهُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ، لَعَلَّ أَحَدَهُمْ يُرْشِدُهُمْ إِلَى مُخَلِّصٍ لَهُمْ مِنْ تِلْكَ الْوَرْطَةِ، وَهَذَا الْقَوْلُ يَقُولُونَهُ فِي ابْتِدَاءِ رُؤْيَةِ مَا يُهَدِّدُهُمْ قَبْلَ أَنْ يُوقِنُوا بِانْتِفَاءِ الشُّفَعَاءِ الْمَحْكِيِّ عَنْهُمْ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ [الشُّعَرَاء: ١٠٠، ١٠١] وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الِاسْتِفْهَامُ مُسْتَعْمَلًا فِي التَّمَنِّي، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُسْتَعْمَلًا فِي النَّفْيِ. عَلَى مَعْنَى التَّحَسُّرِ وَالتَّنَدُّمِ. ومِنْ زَائِدَةٌ لِلتَّوْكِيدِ. عَلَى جَمِيعِ التَّقَادِيرِ. فَتُفِيدُ تَوْكِيدَ الْعُمُومِ فِي الْمُسْتَفْهَمِ عَنْهُ، لِيُفِيدَ أَنَّهُمْ لَا يَسْأَلُونَ عَمَّنْ تَوَهَّمُوهُمْ شُفَعَاءَ مِنْ أَصْنَامِهِمْ، إِذْ قَدْ يَئِسُوا مِنْهُمْ. كَمَا قَالَ تَعَالَى: وَما نَرى مَعَكُمْ شُفَعاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكاءُ [الْأَعْرَاف: ٩٤] بَلْ هُمْ يَتَسَاءَلُونَ عَنْ أَيِّ شَفِيعٍ يَشْفَعُ لَهُمْ. وَلَوْ يَكُونُ الرَّسُولَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ الَّذِي نَاصَبُوهُ الْعَدَاءَ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا. وَنَظِيرُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى فِي سُورَةِ الْمُؤْمِنِ [١١] فَهَلْ إِلى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ.

وَانْتَصَبَ فَيَشْفَعُوا عَلَى جَوَابِ الِاسْتِفْهَامِ، أَوِ التَّمَنِّي، أَوِ النَّفْيِ.

«وَالشُّفَعَاءُ» جَمْعُ شَفِيعٍ وَهُوَ الَّذِي يَسْعَى بِالشَّفَاعَةِ، وَهُمْ يُسَمُّونَ أَصْنَامَهُمْ شُفَعَاءَ قَالَ تَعَالَى: وَيَقُولُونَ هؤُلاءِ شُفَعاؤُنا عِنْدَ اللَّهِ [يُونُس: ١٨] .

وَتَقَدَّمَ مَعْنَى الشَّفَاعَةِ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَلا يُقْبَلُ مِنْها شَفاعَةٌ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ [٤٨] . وَعِنْدَ قَوْلِهِ: مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خُلَّةٌ وَلا شَفاعَةٌ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ [٢٥٤] وَعِنْدَ قَوْلِهِ: مَنْ يَشْفَعْ شَفاعَةً حَسَنَةً فِي سُورَةِ النِّسَاءِ [٨٥] .

وَعَطَفَ فِعْلَ نُرَدُّ بِ (أَوْ) عَلَى مَدْخُولِ الِاسْتِفْهَامِ، فَيَكُونُ الِاسْتِفْهَامُ عَنْ أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ، لِأَنَّ أَحَدَهُمَا لَا يَجْتَمِعُ مَعَ الْآخَرِ، فَإِذَا حَصَلَتِ الشَّفَاعَةُ فَلَا حَاجَةَ إِلَى الرَّدِّ، وَإِذَا حَصَلَ الرَّدُّ اسْتُغْنِيَ عَنِ الشَّفَاعَةِ.