للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لِضِدِّهِ. وَ «الْبَابُ» وَاحِدٌ وَهُوَ الْمَوْتُ، وَهُوَ الَّذِي يَسْلُكُ بِالنَّاسِ إِلَى أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ.

وَلَعَلَّ جَعْلَ الْبَابِ فِي سُورٍ وَاحِدٍ فِيهِ مَعَ ذَلِكَ لِيَمُرَّ مِنْهُ أَفْوَاجُ الْمُؤْمِنِينَ الْخَالِصِينَ مِنْ وُجُودِ مُنَافِقِينَ بَيْنَهُمْ بِمَرْأًى مِنَ الْمُنَافِقِينَ الْمَحْبُوسِينَ وَرَاءَ ذَلِكَ السُّورِ تَنْكِيلًا بِهِمْ وَحَسْرَةً حِينَ يُشَاهِدُونَ أَفْوَاجَ الْمُؤْمِنِينَ يُفْتَحُ لَهُمُ الْبَابُ الَّذِي فِي السُّورِ لِيَجْتَازُوا مِنْهُ إِلَى النَّعِيمِ الَّذِي بِبَاطِنِ السُّورِ.

وَرَكَّبَ الْقَصَّاصُونَ عَلَى هَذِهِ الْآيَةِ تَأْوِيلَاتٍ مَوْضُوعَةً فِي فَضَائِلِ بِلَادِ الْقُدْسِ بِفِلَسْطِينَ عَزَوْهَا إِلَى كَعْبِ الْأَحْبَارِ فَسَمَّوْا بَعْضَ أَبْوَابِ مَدِينَةِ الْقُدْسِ بَابَ الرَّحْمَةِ، وَسَمَّوْا مَكَانًا مِنْهَا وَادِي جَهَنَّمَ، وَهُوَ خَارِجُ سُورِ بِلَادِ الْقُدْسِ، ثُمَّ رَكَّبُوا تَأْوِيلَ الْآيَةِ عَلَيْهَا وَهِيَ أَوْهَامٌ عَلَى أَوْهَامٍ.

وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا السُّورَ الْمَذْكُورَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ غَيْرُ الْحِجَابِ الَّذِي ذُكِرَ فِي سُورَةِ

الْأَعْرَافِ.

وَضَمَائِرُ لَهُ بابٌ وباطِنُهُ وظاهِرُهُ عَائِدَة إِلَى السُّورِ، والجملتان صفتان لسور. وَإِنَّمَا عُطِفَتِ الْجُمْلَةُ الثَّالِثَةُ بِالْوَاوِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنَ الصِّفَةِ مَجْمُوعُ الْجُمْلَتَيْنِ الْمُتَعَاطِفَتَيْنِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ثَيِّباتٍ وَأَبْكاراً [التَّحْرِيم: ٥] .

وَالْبَاطِنُ: هُوَ دَاخِلُ الشَّيْءِ، وَالظَّاهِرُ: خَارِجُهُ.

فَالْبَاطِنُ: هُوَ دَاخِلُ السُّورِ الْحَاجِزِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُنَافِقِينَ وَهُوَ مَكَانُ الْمُسْلِمِينَ.

وَالْبُطُونُ وَالظُّهُورُ هُنَا نِسْبِيَّانِ، أَيْ بِاعِتَبَارِ مَكَانِ الْمُسْلِمِينَ وَمَكَانِ الْمُنَافِقِينَ، فَالظَّاهِرُ هُوَ الْجِهَةُ الَّتِي نَحْوَ الْمُنَافِقِينَ، أَيْ ضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ يُشَاهِدُ الْمُنَافِقُونَ الْعَذَابَ مِنْ ظَاهِرِهِ الَّذِي يُوَاجِهُهُمْ، وَإِنَّ الرَّحْمَةَ وَرَاءَ مَا يَلِيهِمْ.

وَ (قِبَلِ) بِكَسْرٍ فَفَتْحٍ، الْجِهَةُ الْمُقَابِلَةُ، وَقَوْلُهُ: مِنْ قِبَلِهِ خَبَرٌ مُقَدَّمٌ، والْعَذابُ مُبْتَدَأٌ وَالْجُمْلَةُ خَبَرٌ عَنْ ظاهِرُهُ.