للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[تنزه الأنبياء عن سؤال الأجر على تبليغ الرسالة]

قال تعالى: {وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ} [الشعراء:١٤٥] وهذا هو نفس كلام المرسلين عليهم الصلاة والسلام فكلهم يقولون ذلك، ولا يطلب أحد منهم أجراً، ولو أن رسولاً من رسل الله عز وجل طلب من الناس أجراً لكان هذا أدعى لتكذيبه؛ لأن من فعل شيئاً يتعبد الله به فلا يصح له أن يطلب أجرة من الخلق عليه، لأن من طلب الأجرة من الناس تحكم فيه الناس، فقالوا له: نقبل هذا ولا نقبل ذاك، ولذلك كرم الله عز وجل المرسلين وشرفهم وجعل أجرهم عليه وحده لا شريك له، وعلمهم الصناعة والحرفة، ليكفوا أنفسهم، فكان منهم من يصنع الحديد، ومنهم من كان نجاراً، ومنهم من كان يرعى الغنم، وما من رسول بعثه الله عز وجل إلا ورعى الغنم؛ ليصبر على الناس، كما رعاها نبينا صلوات الله وسلامه عليه.

فهنا يقول صالح لقومه: {فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ * وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الشعراء:١٤٤ - ١٤٥]، وقوله: {إِنْ أَجْرِيَ} [الشعراء:١٤٥] فيها قراءتان: (إن أجرِيْ)، و (إن أجريَ إلا على رب العالمين)، فأجره على الرب سبحانه، ومن صفات ربوبيته سبحانه أنه الذي يعطي، وأنه الذي يمنع سبحانه، وأنه الرازق الذي يرزق سبحانه، فهنا يقول صالح: أجري ورزقي على الرب سبحانه الذي يملك ذلك: {إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الشعراء:١٤٥].

<<  <  ج:
ص:  >  >>