[تفسير قوله تعالى:(وتول عنهم حتى حين وأبصر فسوف يبصرون)]
قال تعالى لنبيه صلوات الله وسلامه عليه:{فَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِين ٍ}[الصافات:١٧٤].
أي: أعرض عن هؤلاء، حتى يأتيك أمرنا، وهنا الأمر بالإعراض عنهم نسخ بما جاء من أمر الله عز وجل بقتال هؤلاء الكفار في قوله عز وجل:{فَإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ}[التوبة:٥].
يبقى هنا أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالصبر وبالصفح وبالتولي والإعراض عن هؤلاء إلى حين، فقد أرجأه ربه سبحانه إلى أن ينزل من القرآن ما فيه الأمر بقتال هؤلاء، فجاءت هذه الآية التي في سورة براءة، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتال هؤلاء.
فالله سبحانه قال له هنا:{فَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِين ٍ * وَأَبْصِرْهُم فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ}[الصافات:١٧٤ - ١٧٥]، أي: اصبر عليهم، وأبصر ما الذي يحدث لهم وما الذي يحدثونه، فسوف يجدون عاقبة ذلك وعقوبته من ربهم سبحانه.
((وَأَبْصِرْهُم فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ)) سوف يبصرون حين لا ينفعهم الإبصار، يبصرون فيرون ملائكة الله وهم ينزلون عليهم فيقتلونهم، وقد رأوا في يوم بدر كيف نزلت الملائكة تقاتل هؤلاء الكفار، وتقطع رءوسهم، وتدفعهم وتضربهم، ورأى المؤمنون كيف نصرهم الله عز وجل على هؤلاء الكفار، والمعنى: وأبصر هؤلاء الكفار، فسوف يبصرون عذاب الله سبحانه.