[تفسير قوله تعالى:(الله الذي أنزل الكتاب بالحق والميزان)]
قال الله تعالى:{اللَّهُ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزَانَ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ}[الشورى:١٧]، سبحانه وتعالى.
بدأ هذه الآية بلفظ الجلالة، هذه الكلمة العظيمة التي تملأ القلوب، وتملأ العقول نوراً وبصيرة، فهو الله سبحانه الذي يعبد وحده لا شريك له.
قوله تعالى:{اللَّهُ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتَابَ}[الشورى:١٧]، جاء هذا الكتاب تشريفاً لنا، جاء من السماء من عند رب العالمين، كتاب فيه حكم الله سبحانه، يحكم بيننا ويحكم علينا بحكم الله الملك، الحكم، العدل، اللطيف، الخبير سبحانه وتعالى، قال تعالى:{وَاللَّهُ يَحْكُمُ لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ}[الرعد:٤١].
فالإنسان يحكم ويجد من يعقب على حكمه، ومن ينقض حكمه، ويستأنف الحكم من جديد، لكن الله يحكم ولا معقب وليس هناك أحد ينقض حكم الله سبحانه، أو أحد يبدأ حكماً جديداً بعد حكم الله سبحانه، قال الله تعالى:((اللَّهُ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ)) أي: متلبساً بالحق، ونزل حقاً من السماء، ونزل مشتملاً على الحق.
هذا كتاب الله سبحانه وتعالى فيه الحق، ونزل من عند الله فهو حق وليس باطلاً، ونزل الكتاب مشتملاً على الحق نزولاً حقاً، نزل وفيه الحق من عند رب العالمين.
(والميزان): معطوفة على الكتاب، منصوبة، أي: وأنزل الميزان، أي: أنزل العدل، وأنزل الشريعة التي تأمركم بالعدل، فعلمكم العدل، وعلمكم الوزن، وعلمكم الكيل، ونهاكم عن التطفيف، وعلمكم كيف تصنعون الميزان، والله هو الذي أرشدكم إلى ذلك سبحانه وتعالى، حتى يحق الحق في هذه الدنيا، وحتى يعرف الإنسان ماذا عليه بشرع الله سبحانه وتعالى.