يقول الله سبحانه تبارك وتعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم:{إِنْ أَنْتَ إِلَّا نَذِيرٌ}[فاطر:٢٣] إن في الآية بمعنى ما النافية والمعنى: ما أنت إلا نذير، وهذا أسلوب قصر أي: إن وظيفتك الوحيدة أنك رسول منذر ومبشر قال تعالى في سورة البقرة: {إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلا تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ}[البقرة:١١٩]، والخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم أي: أرسلناك لتنذر الذين يشركون بالله ويعبدون غيره، وتخوفهم من عذاب الله ونقمته، وتقيم عليهم الحجة من الله سبحانه، كما أن في قوله سبحانه:{إِنْ أَنْتَ إِلَّا نَذِيرٌ}[فاطر:٢٣] ليس بيدك يا محمد! أن تحول هؤلاء من كفر إلى إيمان فليس لك أن تهدي من تشاء بل الله يهدي من يشاء قال سبحانه: {إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ}[القصص:٥٦]، ثم قال سبحانه:{إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ}[البقرة:١١٩] أي: بهذا القرآن العظيم الذي أنزلناه عليك من السماء، كما يحتمل المعنى أن يكون: إنا أرسلناك بالدين الحق ولا منافاة بين المعنيين، ثم قال:{بَشِيرًا}[البقرة:١١٩] أي: لتبشر من آمن وعمل الصالحات بجنات الخلود قوله: {وَنَذِيرًا}[البقرة:١١٩] أي: نذيراً للكفرة والمجرمين بنار لهم فيها عذاب السموم، ثم قال سبحانه:{وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خلا فِيهَا نَذِيرٌ}[فاطر:٢٤] أي: ما من أمة إلا وقد أرسل الله عز وجل فيهم من ينذرهم من عذاب الله ومن يبشرهم برحمة الله، وخلا في الآية بمعنى: سلف ومضى.