وقد كان أيوب صابراً، قال تعالى:{إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ}[ص:٤٤] أي: كثير الأوبة إلى الله عز وجل، وقد كان الأنبياء مثله، ولكنه أشدهم بلاءً في جسده وفي ماله وفي ولده.
قال تعالى:{وَإِسْمَاعِيلَ}[الأنبياء:٨٥] وهو ابن إبراهيم عليهما الصلاة والسلام، وقد كان نبياً رسولاً عليه الصلاة والسلام.
وقال تعالى:{وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا}[مريم:٥٤] أي: كان يعد الوعد ويصدق في وعده، وقد وعد شخصاً أن يلقاه في المكان الفلاني بعد ثلاث، فانتظر بعد ثلاث ولم يأت الرجل إلا بعد ثلاث ليال، فقال له: لقد شققت علي! وصبر.
وليس مطلوباً من الناس أن يكونوا على مثل هذا الوعد العظيم والوفاء، ولكن يذكر ربنا لنا هؤلاء لنقتدي بهم في الوفاء بالوعد، وكثير منا اليوم يعد ولا يفي بوعده، فالواجب الوفاء بالوعد.
وقد جاء مثل ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهو أن رجلاً وعده قبل الإسلام أن يأتيه في المكان الفلاني، فانتظره النبي صلى الله عليه وسلم وبات في مكانه ينتظر الرجل حتى ظهر الرجل بعد ذلك وقال: لقد شققت علي، فإسماعيل فعل ذلك، واقتدى به النبي صلوات الله وسلامه عليه.
وقال تعالى عن إسماعيل:{وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا}[مريم:٥٥] وأنت قبل أن تدعو الناس ادع أهلك، وأولى الناس أن تنقذهم من النار أهلك، وقد قال الله في القرآن:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ}[التحريم:٦].
إذاً: إسماعيل كان صادق الوعد عليه الصلاة والسلام، وكان رسولاً نبياً، وكان يأمر أهله بالصلاة والزكاة وكان عمله عند ربه مرضياً، وذكر هنا أنه من الصابرين، وأي صبر أعظم من صبر إسماعيل عليه الصلاة والسلام حين أخذه أبوه ليذبحه.