[تفسير قوله تعالى:(صراط الله الذي له ما في السماوات وما في الأرض)]
قال الله:{صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ أَلا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الأُمُورُ}[الشورى:٥٣] هذا دين رب العالمين سبحانه العظيم، الذي يؤكد لنا أنه الرب، وأنه المالك الحقيقي، وأنه مالك الملك، ملك الملوك سبحانه وتعالى الذي له ملكوت السماوات والأرض، ففي أثناء السورة قال:{وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ}[الشورى:٢٩]، وقال في أولها سبحانه:{لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ * تَكَادُ السَّمَوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْ فَوْقِهِنَّ وَالْمَلائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الأَرْضِ}[الشورى:٤ - ٥]، وختم السورة بقوله:(الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ) فهو الذي يملك كل شيء.
قوله:(أَلا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الأُمُورُ) أي: ترجع كل أمور العباد في النهاية إلى ربها ليحكم بين العباد ويفصل بينهم، وكأنه يقول: أنتم في الدنيا يلي بعضكم أمور بعض، وقد ينسى الإنسان أن الله هو الذي يدبر ذلك سبحانه، وأن الله هو الذي ييسر له رزقه حتى يأخذه من هنا، ويأخذه من هنا، فيذكر العباد أن كل أموركم وإن زعمتم في الدنيا أنكم ترجعون إلى حكامكم وإلى سلاطينكم وإلى ولاة أموركم لكن سيأتي يوم لا تجدون من ترجعون إليه إلا الله الواحد القهار سبحانه وتعالى الذي يرجع إليه العباد، وتصير إليه مقاليد أمور العباد، فالكل بيده في الدنيا وفي الآخرة يفعل ما يشاء، ويقضي بين عباده كما يشاء، ويحكم بما يشاء ويفعل ما يريد.