للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[تفسير قوله تعالى: (قل لمن الأرض ومن فيها قل أفلا تذكرون)]

قال تعالى: {قُلْ لِمَنِ الأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ} [المؤمنون:٨٤] فقوله: ((قُلْ لِمَنِ الأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا) أي: أجيبوا عن ذلك، فيسأل الله هؤلاء الكفار من يملك هذه الأرض؟ وهم يقرون بالصانع، وأن الله هو الذي خلقها وصنعها وفعل فيها ما يشاء سبحانه، فيقرون بالربوبية للرب سبحانه وتعالى.

فقوله: ((قُلْ لِمَنِ الأَرْضُ) أي: من يملكها؟ ((وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ)) قال تعالى: ((سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلا تَذَكَّرُونَ))، وهكذا كانوا يجيبون النبي صلوات الله وسلامه عليه، فهم يعرفون أن الرب هو الخالق، فإذا قال لهم: فلماذا لا تعبدون هذا الذي خلق؟ يقولون: نعبد آلهة تقربنا إلى الله زلفى، أي: يتقربون إلى الله بعبادة غيره، فإذا قيل لهم: من الذي أمركم بعبادة غيره؟ لا جواب عندهم، لا أثارة من علم، ولا دليل من عقل، لا نقلٌ صحيح ولا عقلٌ صريح في هذا، وإنما هو الكذب الصراح.

يقول الله عز وجل: ((قُلْ لِمَنِ) أي: من الذي يملك الأرض ومن فيها وكل ما فيها من خلق؟ ((إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ)) * ((سَيَقُولُونَ لِلَّهِ) أي: هذا كله يملكه الله، قال تعالى: ((قُلْ أَفَلا تَذَكَّرُونَ) أي: فإذا كان الأمر هذا لله أفلا تعتبرون بهذا الذي نذكره لكم، وتعرفون أن الذي خلق هو الذي يستحق أن يعبد؟ وقراءة حفص عن عاصم وحمزة والكسائي وخلف: {أَفَلا تَذَكَّرُونَ} [المؤمنون:٨٥]، وباقي القراء: (أفلا تذّكرون) بتشديد الدال، والمعنى: أن تتذكر أن الذي خلق ذلك هو الذي يستحق العبادة، ليس غيره سبحانه وتعالى.

وقوله تعالى: ((قُلْ لِمَنِ))، بدأ الاستفهام باللام، فكان الجواب أيضاًً باللام، قال تعالى: ((سَيَقُولُونَ لِلَّهِ))، وهذه قراءة جميع القراء.

<<  <  ج:
ص:  >  >>