ذكر الله عز وجل في هذه الآيات مراحل خلق الإنسان، وكيف خلقه الله سبحانه وتعالى من شيء حقير:{وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ}[المؤمنون:١٢]، فهذا أصل الإنسان، وقد ذكر الله عز وجل في خلق الإنسان آيات في كتابه سبحانه وتعالى، كقوله في سورة الكهف:{قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلاً}[الكهف:٣٧]، كما في قصة الرجلين اللذين آتى الله عز وجل أحدهما جنتين، ولم يؤت الآخر، فاستكبر صاحب الجنتين على صاحبه الذي يعبد الله سبحانه، وقال:{أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا}[الكهف:٣٤]{قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ}[الكهف:٣٧]، فأصل خلق الإنسان من التراب، وهنا ذكر الله أنه خلقه من طين، أي: خلقه الله عز وجل من تراب وماء، والأصل في خلقه التراب، والعناصر الموجودة بجسم الإنسان هي نفس العناصر الموجودة في التراب، وأكثر جسم الإنسان من الماء، فهو مخلوق من التراب والماء.
قال الله عز وجل:{هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ}[غافر:٦٧]، وقال سبحانه:{وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ}[فاطر:١١]، وقال:{خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ}[النحل:٤]، يذكره الله بأول خلقه وإذا به يخاصم، ويناظر، ويجادل خالقه سبحانه وتعالى! وقال سبحانه:{أَوَلَمْ يَرَ الإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ}[يس:٧٧]، وقال:{ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ}[السجدة:٨]، يخرج من المحل الذي يخرج منه البول، يستقذره الإنسان، وقال:{أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ}[المرسلات:٢٠]، فهذا بدء خلق الإنسان، فالله يذكره بأن هذا بدء خلقك، فليس لك أن تجادل ربك، وليس لك أن تستكبر على الخلق، فأنت خلقت من تراب مثلهم، وخلقت من ماء مهين.