قال تعالى:{فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ آيَاتُنَا مُبْصِرَةً}[النمل:١٣]، وانظر إلى الاختصار لهذه القصة، فهو يذكرها في مكان آخر فيطيل فيها إطالة محببة جميلة، فنفهم منها ما يريد الله سبحانه، وهنا يختصر اختصاراً كإشارات ورموز معينة.
فقوله تعالى:{فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ آيَاتُنَا مُبْصِرَةً}[النمل:١٣]، أي: بينة عظيمة مشاهدة أمام الأعين من شدة وضوحها، والإنسان هو الذي يبصر ويصدق، ولكن من شدة وضوح الآيات كأنها هي نفسها ترى هؤلاء القوم.
وعرفنا أن السحرة: هم الذين آمنوا بالآيات، وأن فرعون أصر على ما هو فيه، وجحد فرعون أي: كذب وعاند مع معرفته بالحق، قال تعالى:{وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ}[النمل:١٤]، أي: فهم في أنفسهم مصدقون أن موسى صادق عليه الصلاة والسلام، ولكن ملك فرعون يمنعه من أن يترك الدنيا، وذلك قول الله سبحانه:{زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمَالَهُمْ}[النمل:٤]، فالملك وما هو فيه يمنعه من أن يؤمن مع موسى؛ لأنه يعتقد أنه إذا آمن فسيضيع عليه ملكه، قال تعالى:{وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا}[النمل:١٤]، أي: ظلموا أنفسهم، وظلموا غيرهم، والعلو: هو التعالي والتجبر والاستكبار، قال تعالى:{فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ}[النمل:١٤]، أي: فانظر ماذا فعلنا بفرعون، وكيف أغرقناه، وأهلكناه، ودمرناه ومن معه، وكأنه يقول لنبيه صلوات الله وسلامه عليه: وكذلك تكون عاقبة كل إنسان مفسد كعاقبة هؤلاء المفسدين.
نسأل الله العفو والعافية في الدين والدنيا والآخرة، أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم، وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.