للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[معنى قوله تعالى (الله ربنا وربكم لنا أعمالنا ولكم أعمالكم)]

قال تعالى: ((اللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ)) الله سبحانه هو الرب وهو الإله، ومقتضى ربوبيته: أنه يفعل أفعالاً لا يقدر عليها أحد، فينفع ويضر، ويعز ويذل، ويعطي ويمنع، ويحيي ويميت، ويخلق ويعدم سبحانه وتعالى، وهو على كل شيء قدير، فالله هو الرب الذي يعبد وحده لا شريك له، وكلمة (الله) تعني: المعبود حقاً، فهو الذي يستحق العبادة وحده لا شريك له، فالله ربنا وربكم وإن زعمتم غير ذلك، فالله الذي نعبده هو الرب الوحيد سبحانه وتعالى، ولا رب غيره، ولا إله يستحق العبادة سواه.

قال تعالى: ((لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ)) أي: ثواب أعمالنا لنا، ولكم شؤم أعمالكم وسيئاتكم، ولن تأخذوا من حسناتنا شيئاً، ولن نأخذ من سيئاتكم شيئاً، طالما أننا دعونا إلى الله، وقمنا بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأقمنا دين الله عز وجل، فلنا ثواب أعمالنا سواء استجبتم أم لم تستجيبوا، قال تعالى: ((وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ) أي: إن دخلتم في دين الله عز وجل فلكم الثواب، وإذا لم تدخلوا في دين الله فعليكم العقاب والعذاب، ولا تضرون إلا أنفسكم، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ألا لا يجني جان إلا على نفسه، ولا يجني والد على ولده، ولا ولد على والده)، قالها في حجة الوداع في خطبته صلوات الله وسلامه عليه.

فالإنسان لا يجني إلا على نفسه، وهذا معنى قوله سبحانه: {وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام:١٦٤] أي: لا تحمل نفس آثمة إثم نفس أخرى، وإنما كل إنسان يحمل إثمه، فإذا سن للناس سنة سيئة حمل إثمها وكأمثال آثام غيره، لا ينقص من آثام الآخرين شيء، وكل إنسان يحمل إثمه على عاتقه.

<<  <  ج:
ص:  >  >>