[استحلال الخمر والزنا والمعازف في آخر الزمان وعقوبة ذلك]
جاء في صحيح البخاري: (ليكونن في أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف).
قوله: (يستحلون الحر) أي: يستحلون الزنا، (والحرير والخمر والمعازف) أي: هؤلاء الأقوام يستحلونها ويتعاملون بها على أنها حلال ليس فيها شيء، فتراهم يشربون الخمر، ويلبسون الحرير، ويسمعون المعازف، ويذهبون إلى الملاهي، ويقعون في الزنا.
ثم قال: (ولينزلن أقوام إلى جنب علم) أي: يذهبون في رحلة صحراوية بجوار جبل من الجبال يلعبون هنالك، قال: (تروح عليهم سارحتهم فيأتيهم آت لحاجته، فيقولون له: ارجع إلينا غداً) عندما يأتي صاحب الحاجة يطلب حاجته منهم يقولون: تعال غداً، أما الآن فهم يلعبون ويبتعدون عن ربهم سبحانه، فإذا فعلوا ذلك قال: (فيبعثهم الله ويقع العلم عليهم، ويمسخ منهم آخرين قردة وخنازير إلى يوم القيامة).
نسأل الله العفو والعافية، هذه ذنوب ومعاصي الناس.
والآن يشنشنون حول استباحة هذه الأشياء بأي صورة من الصور، يقول لك: هذا الحديث أصله ضعيف، وهذا الحديث أصله كذا، وبعض الدعاة الذين كانوا قبل هذا يقولون: إن هذا حرام، تراه يتراجع قليلاً في الأمر ويقول: ليست حراماً جداً، وإنما الحرام هي الموسيقى التي هي مثيرة للفتن، أما الموسيقى التي ليست مثيرة للفتن فليست حراماً، والأغاني التي لا أدري ماذا فهو لكي يرضي الكفار ويظهر بأن الإسلام دين الوسطية يقول: ها نحن نجيز الموسيقى والرقص والأغاني وغير ذلك ونفعلها، ويقول: إن الإسلام فيه فن وفيه كذا نقول: هذا تمييع للدين، وتجد آخر يقول: أنا لا أفتي ولا أتكلم في الفتاوى، وبعد قليل تجده يقول: الموسيقى حلال ليس فيها شيء، وهي غذاء للروح، كيف تقول: أنك لا تفتي وتقول عن الموسيقى إنها حلال؟! من أين أتيت بهذا الشيء؟! والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (ليكونن من أمتي أقوام يستحلون).
وإذا جاء إنسان كان مغنياً كافراً ودخل في الإسلام وجاء إلى صاحبنا فقال له: أنا مغن، ويقولون: إنه لا توجد أغان إسلامية، فيقول: بلى، توجد الأغاني الإسلامية، فبإمكانك أن تغني مع الموسيقى في مدائح للرسول صلى الله عليه وسلم، نقول لهذا: أين ذهبت بحديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي يمنع من ذلك وفيه: (ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف)؟ ما هي المعازف؟ أليست هي الموسيقى أم شيء آخر؟ وقد روى هذا الحديث الإمام البخاري في صحيحه، والأئمة الأربعة على المنع من ذلك، فإذا به يقول: نتوسط، ولا يلزم أن نقول: إنه حرام، دعنا نقول: إنه مكروه؛ لأن هناك موسيقى كذا وهناك موسيقى كذا، ولم نسمع هذا من النبي صلى الله عليه وسلم.
نقول لهذا وأمثاله: لا تميع دين الله عز وجل، وحدث بما قاله الله وما قاله النبي صلى الله عليه وسلم، فقد قال: (بلغوا عني ولو آية) فهذا دين الله عز وجل.
وقوله: (يستحلون الحر والحرير) تجد البعض يلبس الحرير ويقول: ليس فيه شيء، وهذا الحرير أنا اشتريته من مالي الحلال، وهذا الحرير وضعته في ماء زمزم، وغير ذلك من الأعذار الواهية، فلماذا تستحل الحرير؟ الحرير حرام على الرجال لا يجوز لك أن تلبسه.
قوله: (والخمر يسمونها بغير اسمها)، فيقول لك: هذا ليس خمراً، وإنما هذا أصله دواء للسعال، فتراه يشتري دواء السعال ويشرب الزجاجة كلها، وهو يعرف أن هذا الدواء فيه من الكحول، وأنه لو شرب الزجاجة كلها سيذهب شيء من عقله، وهناك فرق بين أن يكون هذا الشيء دواء يتعاطاه الإنسان، كدواء يصفه له الطبيب، وبين أن يأخذه إنسان ليشربه حتى يذهب عقله، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ما أسكر ملء الفرق منه فملء الكف منه حرام) أي: لو كان إنسان سيشرب مائعاً كثيراً لكي يسكر سيقول لك: لو شربت شربة واحدة لن أسكر، وإنما أصل إلى حد الإسكار عندما أشرب الزجاجة كاملة، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: لا، ولا شربة واحدة منها، وملء الكف منه حرام؛ لأنه في النهاية يؤدي إلى الإسكار.
إذاً: على ذلك الإنسان الذي يضحك على نفسه ويقول: هذا ليس خمراً، وإنما هذه اسمها كذا، نقول: لا تضحك على نفسك ولا تخدع نفسك، فالمخدرات هي أشنع من الخمور، ولم تستبح في بلاد الإسلام إلا حين جاء الباطنية الروافض الإسماعيلية، فهم الذين أباحوها للناس، وقالوا للناس: الذي يتبعنا يدخل الجنة، فكانوا يعقدون لهم مجالس ويعطونهم خمراً وحشيشة تذهب عقولهم، ويقولون لهم: نحن ندخلكم الجنة ونفعل كذا أي مسلم يرضى بأن يذهب عقله الذي ميزه الله عز وجل به عن الخلق؟ يذهب عقله بأن يشرب هذه الأشياء التي حرمها الله سبحانه وتعالى.
يقول النبي صلوات الله وسلامه عليه: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يدخل الحمام بغير إزار، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يدخل حليلته الحمام، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يجلس على مائدة يدار عليها الخمر) أي: إذا كنت تؤمن بالله واليوم الآخر فلا تجلس مع أناس يشربون المسكرات، حتى وإن كنت لا تشرب؛ لأنك تصير راضياً بهذا سواء تكلمت أو لم تتكلم، فلا تجلس معهم فقد نهاك النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك.
وقوله: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يدخل الحمام بغير إزار)، الإسلام دين النظافة والطهارة، ويعود المسلم إذا كان في مكان عمومي يغتسل فيه أن يلبس إزاره، وأن يستر ما بين السرة والركبة، فكن مستتراً وأنت في هذا المكان.
وقوله: (ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يدخل حليلته الحمام) فلا ترسل بامرأتك حماماً عمومياً للنساء فتجلس النساء عاريات بعضهن مع بعض فتكون المصيبة، فلا الرجال يجلسون في مجالس عراة بعضهم مع بعض، ولا النساء كذلك، فإن من وراء ذلك غضب الله سبحانه، فمن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يفعل ذلك.
ومن الأحاديث التي جاءت في الخمر قول النبي صلى الله عليه وسلم: (كل مخمر خمر) أي: كل مغط للعقل، ومخمر الشيء هو الذي وصل إلى أن صار وتحول إلى خمرة، قال: (وكل مسكر حرام).
وقال: (ومن شرب مسكراً بخست صلاته أربعين صباحاً، فإن تاب تاب الله عليه، فإن عاد الرابعة كان حقاً على الله أن يسقيه من طينة الخبال) وعيد من الله لابد أن يسقي هذا الإنسان الذي شرب الخمر أربع مرات أو تعاطى الحشيش أربع مرات أن يسقيه من طينة الخبال، قيل: (ما هي طينة الخبال؟ قال: صديد أهل النار).
ثم قال: (ومن سقاه صغيراً لا يعرف حلاله من حرامه) أي: من ضحك على طفل صغير وأعطاه خمرة يشربها، أو أعطاه حشيشاً يأكله، هذا الذي فعل ذلك قال: (كان حقاً على الله أن يسقيه من طينة الخبال) هذا الذي يبيع المخدرات ويضحك على الأولاد في المدارس ويقول: ذق هذه، وشم هذه، واشرب هذه، سأعطيك مجاناً لن آخذ منك شيئاً، ومرة ومرتين إلى أن يتعود الولد على ذلك، ولعل هذا الذي يبيع لا يشربها ولا يأكلها.
فهذا الإنسان حق على الله على أن يسقيه من طينة الخبال من صديد أهل النار، فاحذروا من غضب الله، وربوا أبناءكم على حب الله وحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلى طاعة الله سبحانه، وحكموا شرع الله، قال تعالى: {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [النساء:٦٥].
أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم، وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.