وأرسل الله عز وجل موسى ومعه هارون إلى فرعون وملئه، والملأ: الكبراء والسادة من القوم، فذهب موسى ليدعو هؤلاء إلى دين الله عز وجل، فكان الجواب من فرعون لموسى {أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلا يَكَادُ يُبِينُ}[الزخرف:٥٢] أي: أنا خير أم هذا الرجل الذي لا يبين الكلام؟ فلم ينظر إلى الآيات وإلى ما آتاه الله عز وجل من حجة قوية بالغة تثبت أنه رسول رب العالمين، وفرعون قال لقومه أنه ربهم الأعلى، فلما قال له موسى: أنا رسول رب العالمين، طلب منه فرعون الآيات، فلما رأى اليد والعصا بهت، فجادل بالباطل واتهم موسى بأنه ساحر، فقال:{فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْرٍ مِثْلِهِ فَاجْعَلْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ مَوْعِدًا لا نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلا أَنْتَ مَكَانًا سُوًى}[طه:٥٨] فرد عليه موسى {قَالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى}[طه:٥٩].
والذي يريد أن يهرب حقيقة هو فرعون وليس موسى، وفرعون يقول لموسى: لا تخلف هذا الموعد، واحضر من أجل أن نهزمك في هذا الشيء الذي لا تقدر على صنعه وهو السحر.
فاغتر فرعون بهؤلاء السحرة، ولكن ليقضي الله أمراً كان مفعولاً، ليظهر كذب فرعون ويؤمن من شاء الله عز وجل له أن يؤمن من هؤلاء السحرة الذين جاؤوا لنصرة فرعون من كل مكان، فاعتزوا عليه، {قَالُوا لِفِرْعَوْنَ أَئِنَّ لَنَا لَأَجْرًا إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ * قَالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ إِذًا لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ}[الشعراء:٤١ - ٤٢] لو أنكم انتصرتم على موسى.