ولما تم أمر بني قريظة وقتلوا استجاب الله عز وجل لدعوة سعد بن معاذ رضي الله عنه، عندما قال: اللهم إذا أبقيت شيئاً من قتال قريش فأبقني لهم.
فلما تم القتال قبضه الله في ذلك السهم الذي أصابه في أكحله، فانفجر الدم بعدما كان الجرح قد اندمل ومات شهيداً رضي الله تبارك وتعالى عنه.
وكانت له منزلة عظيمة جداً، فقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم أنه اهتز لموته عرش الرحمن، أي: أن العرش مخلوق خلقه الله تبارك وتعالى، فكأن أهل السماوات اهتزوا طرباً لقدوم سعد بن معاذ إلى جنة الله سبحانه وتعالى.
استشهد رضي الله عنه في غزوة الخندق، وكان عدد الكفار في هذه الغزوة عشرة آلاف، وعدد المسلمين ثلاثة آلاف وكان القتال بينهما مراشقات بالسهام.
وقتل في هذه الغزوة من المسلمين ستة، وهم: سعد بن معاذ وأبو عمرو من بني عبد الأشهل وأنس بن أوس بن عتيك وعبد الله بن سهل والطفيل بن نعمان وسلمة بن غنمة وكعب بن زيد.
وهذا من فضل الله تبارك وتعالى على المؤمنين، فلو حصل التحام كان سيكثر عدد القتلى من المسلمين ومن غيرهم، وألقى الله في قلوب الكفار الرعب ففروا، وهذا الرعب ليس من عدد القتلى في الكفار، فقد قتل منهم ثلاثة فقط، إنما هو بسبب ما ألقاه الله في قلوبهم من الخوف، وما جاءهم من الرياح، من أجل أن يعرف المسلمون أنهم لم يعملوا شيئاً، فليسوا هم الذين أخافوهم، فهم قتلوا منهم ثلاثة، وقُتِلَ الضعف من المسلمين، فالنصر من عند الله وحده لا شريك له.
وبعد هذه الغزوة قال النبي صلى الله عليه وسلم:(الآن نغزوهم ولا يغزوننا) أي: لا تجرأْ قريش أن تغزو النبي صلى الله عليه وسلم أبداً، فكان المسلمون هم الذين يتوجهون إليهم، فكانوا يذهبون في سرايا إلى قرب مكة، ولم تخرج قريش إليهم، إلا ما كان في يوم الحديبية عندما حدث الصلح فقد جاءوا غير مقاتلين، وبقيت بين المسلمين وبينهم زيارات فيسمعون من المسلمين، ويذهب المسلمون إليهم فيسمعون منهم حتى فتح الله عز وجل مكة بعد ذلك بفضله وبكرمه سبحانه وتعالى.