[أقوال الصحابة في معنى قوله (وإذا وقع القول عليهم)]
كذلك هنا قوله:(وإذا وقع القول عليهم)، يقول أبو سعيد الخدري وابن عمر رضي الله عنهما:(إذا لم يأمروا بالمعروف وينهوا عن المنكر، وجب السخط عليهم) أي: يستحقون سخط الله إذا كانوا لم يأمروا بالمعروف ولم ينهوا عن المنكر.
ويقول ابن مسعود رضي الله عنه في قوله تعالى:((وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ)) قال: يكون بموت العلماء وذهاب العلم ورفع القرآن، فهذا يكون يوماً من الأيام أن الله عز وجل بعدما ينتشر الدين ويعم الأرض كلها يقبضه الله سبحانه وتعالى بعد ذلك، ويقول ابن مسعود:(أكثروا تلاوة القرآن قبل أن يرفع، قالوا: هذه المصاحف ترفع فكيف بما في صدور الرجال؟ قال رضي الله عنه: يسرى عليه ليلة فيصبحون منه قفرة)، نسأل الله العفو والعافية، يعني: إذا صار من يحفظ القرآن يحفظه للدنيا ليس للدين استحقوا ذلك، وفيهم قال النبي صلى الله عليه وسلم:(أكثر قراء أمتي منافقوها).
فإذا كان حفاظ القرآن من المنافقين استحقوا ذلك، وإلا فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الآخر:(إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من صدور العلماء ولكن يقبضه بقبض العلماء)، أي: الصالحون من أهل العلم الذين يعملون بكتاب الله وسنة النبي صلى الله عليه وسلم، فقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم، أن الله لا ينزع العلم من قلوبهم، ولكن يقبضهم هم، أما أهل الفسق وأهل النفاق، فالله يأخذ من صدورهم كتابه سبحانه وتعالى كما أخبر هنا.
ويقول ابن مسعود رضي الله عنه:(يسرى عليه ليلة فيصبحون منه قفرة، وينسون لا إله إلا الله)، فسيصل الأمر إلى أن الناس ينسون لا إله إلا الله، وهذا الذي جاء فيه الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم:(لا تقوم الساعة إلا على شرار الخلق)، يعني: يصبح الناس يتهارجون كتهارج الحمر، ويستباح الزنا في الطرقات، فالله عز وجل يقبض الصالحين وتقوم الساعة على شرار الخلق وهم على ذلك.
يقول ابن مسعود رضي الله عنه:(ينسون لا إله إلا الله ويقعون في قول الجاهلية وأشعارهم؛ وذلك حين يقع القول عليهم) يعني: إذا وقع القول عليهم إذا بالله سبحانه وتعالى يأخذ منهم كتابه فيصيرون بغير كتاب فينسون.
ويقول أيضاً ابن مسعود رضي الله عنه:(أكثروا من زيارة هذا البيت، من قبل أن يرفع وينسى الناس مكانه) يعني: حتى الكعبة، وجاء في حديث آخر للنبي صلى الله عليه وسلم:(أنها تهدم، يهدمها ذو السويقتين من الحبشة)، رجل من الحبشة يأتي للكعبة محارباً فيهدم الكعبة، فإذا هُدمت لا تقام مرة ثانية، فينسى الناس مكانها لتقادم الزمان بهم، ويرفع منهم القرآن، وينسون العلم.
في هذا الحين يحق عليهم قول الله عز وجل، فتأتي العلامات الكبرى للساعة، ومن العلامات الكبرى: خروج الدابة التي ذكرها الله عز وجل في الآية.