قال تعالى:{ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعاً فَقَالَ لَهَا وَلِلأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ}[فصلت:١١] هنا استوى بمعنى: قصد وعمد وتوجه إليها ليفعل ما يريد سبحانه تبارك وتعالى، وهذا غير استوى على العرش، فاستواء الله على العرش استواء معلوم؛ فالله سبحانه مستوٍ على عرشه، استواء كيف يشاء وكما يشاء سبحانه تبارك وتعالى.
وهنا استوى إلى السماء بمعنى: عمد إليها وقصد إليها بالفعل وبالخلق سبحانه تبارك وتعالى.
وقوله:((وَهِيَ دُخَانٌ)) كانت دخاناً فأوجد الله عز وجل منها السماوات، فسمكها وجعل لها كسفاً وجعل لها سمكاً، وجعل فيها أهلاً، فخلق ملائكة وسكاناً لكل سماء.
قال سبحانه:{فَقَالَ لَهَا وَلِلأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا}[فصلت:١١] الله عز وجل يأمر السماوات أن تطيع، ويقول لها: أطيعي أمري شئت أم أبيت، والأرض كذلك، هذا الجماد الذي خلقه الله جعل فيه ما ينطق ويجيب ربه، والله على كل شيء قدير، ولا عجب في ذلك أن تنطق السماء وأن تجيب الأرض، والإنسان مخلوق من تراب هذه الأرض، وجعل الله عز وجل فيه ما ينطق ويتكلم ويجيب ربه سبحانه، كذلك السماوات والأرض، قال تعالى:{اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا}[فصلت:١١] أطيعا ولبيا أمر الله سبحانه {قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ}[فصلت:١١] الجماد أتى ربه طائعاً، والأرض تخرج أرزاقها كما يأمرها الله سبحانه، والسماء تنزل بركاتها، والكل أطاع الله وعبد الله طائعاً إلا الإنسان؛ فكثير من الناس حق عليهم العذاب.
قال تعالى:{فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ}[فصلت:١٢]، خلق السماوات، هذه السماء العظيمة نرى فيها قدرة الله البديعة العظيمة، والأرض أصغر من السماء بكثير، فجعل سبحانه للأرض أربعة أيام، وجعل للسماوات التي هي أعظم بكثير يومين، ليرينا قدرته، وأنه لا يعجزه شيء، فالشيء العظيم يخلقه.
كما أنه سبحانه يبعث عباده يوم القيامة وهو قادر في لحظة أن يحاسب الجميع، لكنه جعل للحساب يوماً طويلاً مقداره خمسون ألف سنة؛ ليحاسب فيه العباد، وهو قادر على أن يحاسبهم في لحظة كما أنه يفني الأرض ومن عليها في لحظة، ويحيي العباد في لحظة، والله على كل شيء قدير يرينا قدرته على أن يطيل علينا الأيام والليالي وعلى أن ينقصها ويقللها، والله على كل شيء قدير، قال:{وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ}[فصلت:١٢].
وللحديث بقية إن شاء الله.
أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم، وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.