[تفسير قوله تعالى: (يا نساء النبي من يأت منكن بفاحشة مبينة)]
وذكر الله سبحانه وتعالى أن لهن في الفضل والثواب والأجر والحسنات ما هو مضاعف على غيرهن، وكذلك في أمر الإساءة وحاشا لهن أن يفعلن ذلك فتكون العقوبة مضاعفة، كما قال تعالى: {يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} [الأحزاب:٣٠] وحاشا لهن أن يقعن في ذلك.
والفاحشة: المعصية، وتطلق على كبار الذنوب، فمن الفاحشة الوقوع في الزنا والعياذ بالله.
ومن الفاحشة: المعصية لله وللرسول صلى الله عليه وسلم.
قوله تعالى: {مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} [الأحزاب:٣٠] أي ظاهرة قد بينها الله سبحانه وتعالى في كتابه وقد كشفت عن نفسها هذه الفاحشة فظهرت ولم تستتر.
{بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} [الأحزاب:٣٠] هذه قراءة الجمهور.
وقراءة ابن كثير وشعبة عن عاصم: (بِفَاحِشَةٍ مُبيَّنَةٍ) يعني: بين الله حكمها في كتابه، ومبيِّنة يعني: ظاهرة في نفسها يعرفها كل من يفهم ويعقل.
وجزاء من تأتي بفاحشة مبينة: {يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ} [الأحزاب:٣٠] هذه قراءة الجمهور.
وقراءة ابن كثير وابن عامر: {نضعفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ} [الأحزاب:٣٠]، وقراءة أبي عمرو ويعقوب: (يُضعَّف لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ).
وقوله تعالى: {وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا} [الأحزاب:٣٠] أن يعذب أحداً من عباده هذا يسير عليه سبحانه وتعالى سواء كان هذا قريباً أو بعيداً من النبي صلى الله عليه وسلم.
وعكس ذلك: من يقنت، والقنوت: الطاعة والمبالغة في عبادة الله سبحانه وتعالى، والخشوع له.
قال تعالى: {وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحًا} [الأحزاب:٣١] إذاً: الخشوع لله عز وجل والطاعة لله وعمل الصالحات جزاؤه {نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ} [الأحزاب:٣١].
إذاً: يضاعف لها الأجر عند الله سبحانه وتعالى.
وقراءة الجمهور: {وَتَعْمَلْ صَالِحًا} [الأحزاب:٣١].
وقراءة حمزة والكسائي وخلف: (ويَعْمَل صَالِحًا نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ).
فسمى الأجر الذي عنده بالأجر العظيم وأن الرزق الذي يعطيه الله عز وجل لهن هو رزق كريم يعني: غاية في الكرم من الله سبحانه وتعالى، أي: رزقاً يكرمهن الله سبحانه وتعالى به.
نسأل الله عز وجل أن يجعلنا من أهل جنته، وأن يجعلنا مع نبيه صلوات الله وسلامه عليه.
أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم.
وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا وعلى آله وصحبه أجمعين.