[تفسير قوله تعالى:(قال كم لبثتم في الأرض عدد سنين فاسأل العادين)]
قال تعالى:{قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ * قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَاسْأَلِ الْعَادِّينَ}[المؤمنون:١١٢ - ١١٣] يذكر سبحانه عن هؤلاء الكفار حين خرجوا من قبورهم فيسألهم ربهم سبحانه: {قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ}[المؤمنون:١١٢] أي: كم مكثتم وجلستم في هذه الدنيا؟ وعندما يقارنون بين أيام الدنيا وعمر أحدهم الذي قضاه في الحياة الدنيا وبين يوم القيامة، فإن يوماً واحداً بخمسين ألف سنة، فيجدون أن هذا العمر الذي لبثوه في الدنيا لا شيء.
وقوله تعالى:{قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ} هذه قراءة الجمهور، وقرأها ابن كثير وحمزة والكسائي:((قل كم لبثتم في الأرض عدد سنين))، وكذلك كلمة ((لبثتم)) نصف القراء يقرءونها بالإدغام، والنصف الآخر يقرءونها بدونه، فقرأها أبو جعفر وأبو عمرو وابن عامر وحمزة والكسائي بالإدغام، وقرأها الباقون بدون الإدعام.
{قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ}[المؤمنون:١١٢] يسألهم ربهم بعد ما بعثوا من قبورهم ووقفوا في يوم الموقف العظيم بين يدي رب العالمين: كم قعدتم في هذه الدنيا؟ فالمكث هو العمر الذي كان في الدنيا أو الذي كان في قبورهم، وسواء هذا أو ذاك فهو عمر حقير وقليل بالنسبة إلى يوم القيامة.
فيجيبون مستقلين لعمرهم السابق، بعدما قارنوا هذه الأيام التي كانت في الدنيا والتي كانوا فيها في البرزخ في القبور مع يوم القيامة هذا اليوم العظيم، قال تعالى:{قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَاسْأَلِ الْعَادِّينَ}[المؤمنون:١١٣].
وفي آية أخرى قال سبحانه وتعالى:{إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا عَشْرًا * نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا يَوْمًا}[طه:١٠٣ - ١٠٤] فهنا عندما يقارنون بين أيام الدنيا وبين أيام الآخرة يقولون: لم نلبث فيها إلا يوماً واحداً.
وقوله تعالى:{فَاسْأَلِ الْعَادِّينَ}[المؤمنون:١١٣] أي: اسأل من يعد من الملائكة فإنهم يعرفون ذلك، ونحن لسنا عارفين هل لبثنا يوماً أو جزءاً من اليوم.
وقوله تعالى:((فَاسْأَلِ الْعَادِّينَ)) هذه قراءة الجمهور، وقراءة ابن كثير والكسائي وخلف ((فسل العادين)) أي: اسأل من يحسبون ذلك ويعدونه.