[مقتل أبي بن خلف على يد النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة أحد]
وقد كان أبي بن خلف يريد قتل النبي صلى الله عليه وسلم فبلغ النبي صلى الله عليه وسلم أن أبياً بن خلف يقول ذلك، فقال صلى الله عليه وسلم:(بل أنا قاتله إن شاء الله)، وقتله النبي صلى الله عليه وسلم بيده الكريمة عليه الصلاة والسلام، أما أخوه أمية فقتله الأنصار الذين كانوا مع بلال رضي الله عنه، وانطلق أبي للنبي صلى الله عليه وسلم وأراد أن يلتمس غفلة من النبي صلى الله عليه وسلم ليحمل عليه، وكان ذلك يوم أحد، فإذا بالمسلمين يحولون بينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم، فلما رأى ذلك النبي صلى الله عليه وسلم قال:(دعوه)، وأخذ النبي صلى الله عليه وسلم رمحاً لا نصل له فرماه بها، فنزلت من تحت درعه في رقبته فخنقته، ورجع وقد خدش منه خدشاً صغيراً، فرجع إلى قومه وحملوه، وقال: قتلني محمد، فضحكوا منه فقال: بل قتلني محمد -صلى الله عليه وسلم- ووالله لو تفل علي لقتلني، وفعلاً قتل بهذه الضربة من النبي صلوات الله وسلامه عليه، قالوا: فلم يخرج كثير دم، واحتقن الدم في جوفه فجعل يخور كما يخور الثور فأقبل أصحابه حتى احتملوه، ونزلت فيه هذه الآية، وهي قول الله سبحانه:{وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا}[الفرقان:٢٧]، نزلت في عقبة بن أبي معيط وأمية بن خلف وأبي بن خلف، ومن كان على شاكلتهم ممن عصى الله ورسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يتبعوه على دينه، يقول هذا الظالم:{يَا وَيْلَتَا لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلانًا خَلِيلًا}[الفرقان:٢٨].
أما القراءات في هذه الآية:{وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ}[الفرقان:٢٧]، فهذه قراءة الجمهور بإظهار الذال، وهي قراءة يعقوب وابن كثير وحفص عن عاصم ورويس عن يعقوب، فإنهم يقرءون:{يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا}[الفرقان:٢٧]، أما بقية القراء فيقرءونها:(يَا لَيْتَنِي اتَّخَذتُّ)، بإدغام الذال في التاء، فتقرأ تاء فقط.
وقوله تعالى:{يَا وَيْلَتَا}[الفرقان:٢٨]، وقفاً ووصلاً، والجمهور يقرءونها كذلك:{يَا وَيْلَتَا}[الفرقان:٢٨]، ويقرأ رويس وقفاً فيها:(يا ويلتاه)، يعني: كأن الواو للندب هنا، فهو يندب حظه ويندب على نفسه، وأصلها:(يا ويلي) للويل، والويل: الهلاك والموت، وكأنه ينادي: يا هلاك احضر! تعال خذني لأموت، فعندما يدعو الإنسان على نفسه يقول:(يا ويلي) معناها: يا هلاكي احضر! ولا موت يوم القيامة.
وكل إنسان كان له خليل يدعوه إلى السوء يوم القيامة يتبرأ منه ويقول: يا ليتني ما صادقتك؛ ولذلك على المؤمن أن يحذر من رفقاء السوء.