ذكر الله سبحانه وتعالى في هذه السورة قصصاً للأنبياء عليهم وعلى نبينا الصلاة والسلام مختصرة، والمقصد من هذه القصص التي ساقها أن يثبت الله عز وجل قلوب المؤمنين، ويعلموا أنه ناصرهم وأنه معهم، وأنهم إذا ابتلاهم الله عز وجل في هذه الدنيا فليس المعنى أنه يدوم عليهم البلاء حتى يلقوا الله سبحانه وتعالى، ولكن يبتليهم ويرفع عنهم البلاء سبحانه وتعالى، ثم يبتليهم ثم يرفع عنهم البلاء، وهكذا حتى يميز الخبيث من الطيب:{أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ}[العنكبوت:٢].
والإنسان حين يسمع قصص الصالحين، وأحوالهم ونصر الله عز وجل للمؤمنين، ولأنبيائه عليهم الصلاة والسلام؛ يصبر ويتصبر، فقد ذكر الله عز وجل قصة إبراهيم وما صنعه سبحانه بإبراهيم الخليل، إذ ابتلاه الله سبحانه ابتلاءات كثيرة فصبر عليها، فمدحه في كتابه وقال:{إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً}[النحل:١٢٠] عليه الصلاة والسلام، فقد كان وحده أمة من الأمم.
وذكر الله عز وجل في هذه السورة، قصة أخرى لإسماعيل أشار فيها عز وجل أنه وهب لإبراهيم عليه الصلاة والسلام غلاماً حليماً ثم ابتلاه فأمره أن يذبحه برؤيا منامية رآها، فلما كاد يفعل ذلك رفع الله عنه ذلك البلاء، وفداه بذبح عظيم.
ثم ذكر الله سبحانه وتعالى قصة موسى وهارون باختصار، وكيف أنه سبحانه وتعالى آتاهما الكتاب المستبين:{وَهَدَيْنَاهُمَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ}[الصافات:١١٨]، {وَنَصَرْنَاهُمْ فَكَانُوا هُمُ الْغَالِبِينَ}[الصافات:١١٦].
فكان من فضل الله عز وجل عليهما أن ابتلاهما ثم رفع عنهما البلاء ونصرهم بفضله سبحانه وتعالى.
وذكر قصة إلياس على نبينا وعليه الصلاة والسلام، وكيف أن الله سبحانه أرسله إلى قومه، فكذبوه، فذكر الله عز وجل أنهم من المحضرين إلى عذابه، والمقصد هو بيان أنه ما من نبي يبعثه الله، إلا ويبتليه الله ويبتلي قومه، ثم ينصر المؤمنين، ويهلك الظالمين، وهذه قصة لوط ساقها الله هنا باختصار، وإن كان قد فصلها في غير هذا الموضع من كتابه.