هذه السورة الكريمة هي السورة التاسعة والثلاثون من كتاب الله عز وجل سورة الزمر، وهي من السور المكية، ونعرف من خصائص السور المكية ترسيخ أمر العقيدة في قلوب المؤمنين، أمر التوحيد، وضرب الأمثلة في ذلك، وبيان أن الله سبحانه وتعالى الذي تفرد بالخلق هو الوحيد سبحانه، وهو وحده الذي يتفرد بالأمر بالتشريع، وهو الذي يتفرد بالعبادة وحده لا شريك له فيعبد دون من سواه.
فبدأ بذكر هذا الكتاب العظيم وقال:{تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ}[الزمر:١]، يعني: أن هذا القرآن العظيم نزل من عند الله، نزله الله سبحانه إنزالاً وتنزيلاً من عنده، نزل من السماء إلى الأرض عن طريق جبريل، جاء به للنبي صلى الله عليه وسلم في خلال ثلاث وعشرين سنة، وقد نزل هذا القرآن وفيه أحكام الشريعة والهداية لهذه الأمة، وفيه النور من الله سبحانه وتعالى.
قوله تعالى:((مِنَ)) أي: بدأ الإنزال من عند الله والانتهاء إلى هذه الدنيا إلى النبي صلوات الله وسلامه عليه ليتعلم الناس منه صلوات الله وسلامه عليه أحكام الله.
وقال تعالى:{تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ}[الزمر:١] أي: هذا الكتاب المعهود، فاللام: للعهد يعني: هذا القرآن العظيم، هو الكتاب الذي تعرفونه وتعهدونه.
وقوله تعالى:{تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ}[الزمر:١]، الله الذي تفرد بأن يعبد وحده لا شريك له، فهو الله المألوه المعبود سبحانه، العزيز الذي لا يحتاج إلى أحد، الغالب على أمره سبحانه، القاهر فوق عباده، الذي إذا قضى أمراً مستحيل أن يغالب وأن يمانع فيه، الحكيم الذي له الحكمة العظيمة البالغة في إنزال هذا الكتاب على هذا الرسول الكريم صلوات الله وسلامه عليه، إذ نزل القرآن على النبي صلى الله عليه وسلم منجماً لا ينزل في وقت واحد، ولكن ينزل على النبي صلى الله عليه وسلم خلال ثلاث وعشرين سنة.