للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[تفسير قوله تعالى: (أفلم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم)]

الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحابته أجمعين.

قال الله عز وجل: {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلِلْكَافِرِينَ أَمْثَالُهَا} [محمد:١٠].

قال سبحانه: {أَفَلَمْ يَسِيرُوا} أي: هؤلاء الكافرون.

ثم قال: {فِي الأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ} أي: هم عند سيرهم في الأرض لم يتعظوا ولم يعتبروا بنهاية السابقين، وكيف أن الله أهلكهم ودمرهم، قال سبحانه: {فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} [العنكبوت:٤٠].

وكيف صنع الله عز وجل بالأقوام السابقين قوم نوح وعاد وثمود وأصحاب الأيكة وقوم لوط وفرعون وجنوده، وغير ذلك، منهم من قص الله عز وجل علينا خبره، ومنهم من لم يقصص علينا خبره.

يسيرون في الأرض ليروا كيف صنع الله عز وجل بهذه المخلوقات التي كانت على الأرض، أبادها وأنشأ غيرها، وكلما حفروا في الأرض نظروا إلى آيات وعجائب من خلق الله عز وجل.

وفي عصر من العصور كانت الديناصورات موجودة في الأرض وقد وجدوا الهياكل العظمية لها، وهي حيوانات ضخمة جداً وعملاقة، فحاولوا أن يجمعوا العظام لكي يتخيلوا منظرها، أين ذهبت هذه الكائنات؟ وكيف استبدل الله عز وجل بها غيرها سبحانه؟ {إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [الأحقاف:٣٣].

دمر الله السابقين، وأهلكهم في أراضيهم، وأهلك زروعهم، ودوابهم، أهلك ما شاء سبحانه وأنشأ قوماً آخرين، هلا اعتبروا بذلك؟ وإن الدمار والموت الذي أتى عليهم سيأتي على غيرهم أيضاً فهلا أحسنوا العمل؟ قال: {دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلِلْكَافِرِينَ أَمْثَالُهَا} [محمد:١٠] أي: لن يفلتوا من الله عز وجل، فلهم الدمار، ولهم الإهلاك من الله سبحانه وتعالى، ووعد الله حق، وقول الله صدق {وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ} [الأحزاب:٤].

وفي هذه الآية بشارة للمؤمنين أن الله سينصرهم على الكافرين، وأن الله سيهزم الكافرين إن أخذتم بأسباب النصر أيها المؤمنون.

<<  <  ج:
ص:  >  >>