للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[تفسير قوله تعالى: (أولم ير الإنسان أنا خلقناه من نطفة)]

قال تعالى: {أَوَلَمْ يَرَ الإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ} [يس:٧٧] الإنسان جنس يشمل أي إنسان، ولكن الآية نزلت في مكة على أسباب مخصوصة، فيقال في هذا: إنه من العموم الذي يراد به الخصوص، وقد يراد به عموم الناس.

قالوا: هو عبد الله بن أبي بن سلول وقيل: بل هو العاص بن وائل السهمي وقيل: هو أبي بن خلف الجمحي، قالوا: أتى النبي صلى الله عليه وسلم بعظم فقال: يا محمد! أترى أن الله يحيي هذا بعد ما رم؟! أي: هذه العظام البالية أتزعم أن ربك يبعثها مرة ثانية؟! فقال صلى الله عليه وسلم: (نعم.

ويبعثك ثم يدخلك النار)، فالله سبحانه وتعالى أنزل هذه الآية في هذا السبب، وكونها نزلت في عبد الله بن أبي قول بعيد قليلاً وإن كان هذا قول ابن عباس رضي الله عنهما؛ لأن عبد الله بن أبي كان في المدينة، وهذه الآية مكية وليست مدنية.

الغرض أن الله قال لمن قال ذلك ولغيره: {أَوَلَمْ يَرَ الإِنسَانُ} [يس:٧٧] إذا أراد جنس الإنسان يكون عاماً {أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ} [يس:٧٧] النطفة: الماء الذي ينطِف أو ينطُف، نطف الماء بمعنى: سال وخرج صافياً قل أو كثر، وقد تطلق النطفة أيضاً على الماء القليل، والمقصود به هنا المني.

{أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ} [يس:٧٧] من مني: {فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ} [يس:٧٧].

(خصيم): مخاصم مجادل يجادل بالباطل.

(مبين): مفصح عما يريد أن يقوله، فهو بين الخصومة والجدل، كما قال الله عز وجل عنهم: {بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ} [الزخرف:٥٨] قوم كثيرو الجدل، كم أتعبوا النبي صلى الله عليه وسلم بجدالهم وبباطلهم!

<<  <  ج:
ص:  >  >>