للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[علم الله بما تحمل الأرحام وبأعمار البشر]

يقول الله سبحانه: (وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْوَاجًا) أي: ذكوراً وإناثاً، يخلق ما يشاء سبحانه وتعالى، قال تعالى: {يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ * أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا} [الشورى:٤٩ - ٥٠].

قال تعالى: (وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ) أي أنثى كانت من إنسان أو من حيوان أو من غيره، ما تحمل ولا تضع حملها إلا بإذن الله وبعلم الله سبحانه وتعالى، وكل شيء في كتاب.

قال تعالى: (وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتَابٍ).

فهناك إنسان يعيش حتى يصير معمراً، ويصير شيخاً كبيراً، وإنسان آخر يموت وهو صغير، فما يعمر من معمر من البشر، أو ينقص من عمر إنسان من البشر إلا بعلم الله سبحانه وتعالى، وقد يقضي لإنسان بعمر معين عنده، والعمر عند الله لا يزيد ولا ينقص، ويكتب في صحف الملائكة أن عمره ستون عاماً إن وصل رحمه، فإن لم يصل رحمه كتب عمره أربعين عاماً، وهذا في أيدي الملائكة، أما في اللوح المحفوظ فمكتوب عند الله عز وجل ما لا يغير وما لا يبدل.

فقوله تعالى: (وَلا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ) محمولة على واحد من الناس أو محمولة على أصناف، فلا يزيد في عمر الإنسان ولا يموت إنسان ويتوفى في وقت معين إلا بعلم الله سبحانه وتعالى، وكله مكتوب عنده في كتاب.

وهذا الأمر لو نظرت فيه جيداً لوجدته كثيراً جداً وكبيراً وصعباً، فكم من إنسان موجود في هذه الدنيا، وكم من حيوان، وكم من حشرة، وكل شيء عند الله عز وجل مكتوب، والذي يكتب ذلك هو الله سبحانه وتعالى بعلمه، وهذا يسير على الله بقوله: كن فيكون، فهذا يسير على الله، إذ يريك قدرته وعظمته سبحانه وآياته في الكون.

نسأل الله عز وجل أن يجعلنا ممن يتفكر في آياته، ويؤمن ويوقن بها، اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك.

أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم، وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

<<  <  ج:
ص:  >  >>