فالأمن والأمان يوم القيامة لمن جاء لا يشرك بالله سبحانه تبارك وتعالى شيئاً، وكذلك لمن لم يظلم نفسه ظلماً أكبر، ولم يقع في كبائر الذنوب، ومات تائباً إلى الله عز وجل.
فإذا تاب الإنسان إلى الله من الشرك فما دونه تاب الله عز وجل عليه، وإن لم يتب منه جاء يوم القيامة وهو لا أمان له؛ لأن الله لا يغفر أن يشرك به.
وإذا وقع في الذنوب كبائرها وصغائرها ولم يتب منها فهو في خطر المشيئة، فإن شاء الله عفا عنه، وإن شاء عذبه على ذلك.
ولذلك هنا يفرق بين من أتى بالشرك بالله فلا يغفر له، وبين من أتى بصغائر الذنوب ولم يقع في الشرك بالله فلعل الله سبحانه وتعالى أن يتجاوز عنه عند وفاته، ولذلك قال تعالى:{إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ}[النساء:٣١]، وهذا وعد من الله سبحانه وتعالى بأن الإنسان إذا اجتنب الكبائر ولم يقع فيما حرم الله من كبائر الذنوب، مثل: الشرك بالله سبحانه وتعالى، والسحر، وعقوق الوالدين، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات، والوقوع في السرقة، والوقوع في الزنا، والرشوة، وأكل السحت، وأكل الباطل، وغيرها من الكبائر التي نص عليها النبي صلى الله عليه وسلم في الأحاديث التي رويت عنه، فإذا ابتعد عن هذه الكبائر، وجاءته وفاته وهو مجتنب لها؛ كفر الله عنه الذنوب الصغائر، وهذا من فضل الله ورحمته على عباده، ولذلك على المؤمن أن يحسن في دنياه ويجتنب الكبائر؛ حتى يكون هذا الاجتناب تكفيراً لصغائر ذنوبه.
وإذا وقع العبد في كبيرة من الكبائر ثم تاب إلى الله عز وجل ومات تائباً فإن الله يتوب على من تاب، وأما إذا لم يتب العبد من ذنوبه فهو في خطر المشيئة، والله عز وجل إن شاء الله عفا عنه، وإن شاء عذبه على ذلك.
وأما العبد الذي يأتي آمناً يوم القيامة فهو الذي لم يقع في الشرك بالله سبحانه وتعالى، ولم يكن في خطر المشيئة يوم القيامة على ما ذكرنا.
إذاً: فقوله سبحانه: {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ}[لقمان:١٣] يبين أن أعظم الظلم وأكبر الظلم أن يقع الإنسان في الشرك بالله سبحانه وتعالى.