قال الله تعالى:{وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ}[الشعراء:٢١٧]، هذان الاسمان تكررا في هذه السورة كثيراً وهما: العزيز الرحيم، مع أن الغالب أن الرحيم يأتي مع الغفور، والعزيز يأتي مع الحكيم، قال الله تعالى:{وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا}[النساء:١٥٨]، وقال تعالى:{عَلِيمًا حَكِيمًا}[النساء:١١]، وقال تعالى:{الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}[آل عمران:٦]، وأما في هذه السورة فقال:{الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ}[الشعراء:٢١٧]؛ لأن في هذه الآيات يخبر الله عز وجل عن الفريقين المؤمنين والكفار، فالكفار يأخذهم ويرينا فيهم عزته وقدرته سبحانه، فأرانا كيف صنع بقوم نوح ومن بعدهم، وأما المؤمنون فيرحمهم سبحانه.
أخذ بها الكفار وأدخلهم النار، ورحمته كانت في المؤمنين، فقد رحمهم وأدخلهم جنته ونصرهم في الدنيا، ويوم القيامة يجعلهم من أهل رحمته، فهو العزيز الرحيم.
فكما خذل الكفار من قبل وهزمهم فكذلك هؤلاء الكفار فإنه سيخذلهم ويهزمهم سبحانه، وكما رحم المؤمنين السابقين فكذلك سيرحم هؤلاء المؤمنين اللاحقين.
ويأمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يخفض جناحه لمن اتبعه من المؤمنين، وخفض الجناح هو اللين، وهو نفس المعنى الذي يقوله الله عز وجل للإنسان تجاه أبيه وأمه:{وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ}[الإسراء:٢٤]، والجناح هنا بمعنى الجانب، وكأن الإنسان فيه جانب شدة وجانب لين، فيقول: اخفض جانبك اللين للوالدين وللمؤمنين وتواضع لهم، فإذا عصوك فقد قال تعالى:{فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ * وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ}[الشعراء:٢١٦ - ٢١٧].