وقوله تعالى:{وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ}[لقمان:١٥] أي: اقتد وائتس، وسر على درب الذين أنابوا إلى الله، وكانوا في طريق الله من قبلك، وهم رسل الله عليهم الصلاة والسلام، وأولياء الله، والصالحون من عباد الله.
قال تعالى:{ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ}[لقمان:١٥]، فالمرجع إلى الله، وسوف ينبئكم بكل ما كنتم تعملون، والإنباء: هو الإخبار بالغيب، وينبئك: يخبرك بما غاب عنك، والإنسان ينسى، ولكن الله لا ينسى فيحصي كل شيء سبحانه، ويوم القيامة:{اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا}[الإسراء:١٤]، فينبئ الله عز وجل العبد بما عمل، ومن نوقش الحساب يوم القيامة عذب لا محالة، ولذلك جاء في قول الله سبحانه:{فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا}[الانشقاق:٨]، عن السيدة عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(من نوقش الحساب يوم القيامة عذب)، فالذي يناقش الحساب سوف يعذب، فقالت:(أليس الله سبحانه يقول: {فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا}[الانشقاق:٨]، قال: ليس ذلك، ولكن هذا العرض).
فالإنسان يعرض عليه كتابه يوم القيامة، وآخر يناقش في كتابه، وفرق بين من يقرأ الكتاب، وبين من يحاسب ويقال له: لم عملت كذا؟ ولم عملت كذا؟ ألم نعطك؟ ألم نربك؟ ألم ننعم عليك؟ ألم نجعلك رئيساً تحكم بين الناس؟ فما الذي صنعت في ذلك؟ هذا هو الذي يناقش الحساب، وهو المعذب كما قال النبي صلوات الله وسلامه عليه.
وقوله تعالى:{ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ}[لقمان:١٥]، جملة معترضة بين وصية لقمان لابنه بألا يشرك بالله ووصية الله عز وجل للعباد بالوالدين وبين باقي الوصايا.