هذه السورة الثالثة والعشرون من كتاب الله رب العالمين سبحانه تبارك وتعالى، وهي سورة المؤمنون، وهي من السور المكية، حيث نزلت هذه السورة كلها في مكة، فقد أجمع علماء التفسير على أنها سورة مكية كلها، وعدد آيات هذه السورة مائة وثمان عشرة آية، حسب العد الكوفي والحمصي، ومائة وتسع عشرة آية عند الباقين، والخلاف في قوله تعالى:{ثُمَّ أَرْسَلْنَا مُوسَى وَأَخَاهُ هَارُونَ بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ}[المؤمنون:٤٥]، فالذي يقول: أنها مائة وتسع عشرة آية يقف على قوله: (وَأَخَاهُ هَارُونَ)، على أنها رأس آية، والذي يقول: إنها مائة وثمان عشرة آية لا يعتبر هذه رأس آية، أي: أن الذي يقول: إنها مائة وتسع عشرة آية يعتبر الآية السابقة آيتين، فيصبح عدد الآيات مائة وتسع عشرة آية، والاختلاف هذا في عد آيات القرآن جائز، ومعناه: أن الآية الواحدة في بعض السور بعضهم يعتبرها آية واحدة، والبعض الآخر يعتبرها آيتين، وذلك باعتبار كيف وقف عليها النبي صلى الله عليه وسلم، فقوله تعالى:{ثُمَّ أَرْسَلْنَا مُوسَى وَأَخَاهُ هَارُونَ بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ}[المؤمنون:٤٥]، بعضهم جعلها آيتين، والبعض الآخر جعلها آية واحدة، لكن الآية هي هي، والكلام هو هو، إنما الخلاف في العد فقط.
فسورة المؤمنون من السور المكية -كما ذكرنا- وهي تتميز بخصائص السور المكية، حيث إن السور المكية تدعو الخلق إلى الله سبحانه وتعالى، فتهتم بأمر العقيدة، واليوم الآخر، وتذكر الأنبياء السابقين عليهم الصلاة والسلام، وتسرد بعضاً من سيرهم وقصصهم، وتذكر الجنة والنار، والآداب، والأخلاق الحسنة، والتربية، وكل هذا سنجده في هذه السورة العظيمة من أولها إلى آخرها.