للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[فضائل عمر بن الخطاب]

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (تجدون من خير الناس أشد الناس كراهية في هذا الشأن حتى يقع فيه)، وكان المؤمنون يتغيظون من الكفار أنهم يفعلون بهم كذا وكذا، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول لعلهم يسلمون وستجدون من خير الناس من كان أشدهم كراهية لهذا الدين، وهذا إخبار الصادق المصدوق صلوات الله وسلامه عليه، فإنه لا يقنط، فإن ربنا يهدي من يشاء من هؤلاء، وكان يدعو لـ أبي جهل ولـ عمر بن الخطاب، ولما قتل أبو جهل قال النبي صلى الله عليه وسلم: (هذا فرعون هذه الأمة)، ومع ذلك كان يدعو له أن يهديه الله سبحانه، قال صلى الله عليه وسلم: (اللهم أيد الإسلام بأحد العمرين)، وهما: أبو جهل أو عمر بن الخطاب رضي الله تبارك عنه، وكان الاثنان أشد الناس كراهية لهذا الدين وللنبي صلى الله عليه وسلم وللمسلمين حتى هدى الله عز وجل عمر بن الخطاب، فصار الذي يضرب به المثل في العدالة، وقال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: (لو رآه الشيطان سالكاً فجاً لسلك فجاً آخر).

فهذا كان رضي الله عنه من أشد الناس كراهية لهذا الدين فصار أحب الناس لرسول الله صلوات الله وسلامه عليه.

وكذلك هند بنت عتبة التي قتل أبوها وعمها وأخوها فتغيضت من حمزة رضي الله تبارك وتعالى عنه، وطلبت من وحشي أن يقتله فقتله وذهبت لتأخذ كبده لتلوكه بأسنانها من غيضها منه، لأنه قتل أباها وأخاها، فكانت من أشد الناس حنقاً وتغيظاً على الإسلام، ومن أشد الناس كفراً وتمرداً إلى أن فتح الله عز وجل مكة للنبي صلوات الله وسلامه عليه.

وكان أبو سفيان قبيل هذا الحين كافراً إلى أن أسلم في فتح مكة، ودخل أبو سفيان بيته ورأته امرأته وهي كافرة فأمسكت به وقالت للكفار: اقتلوا هذا الشيخ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (من دخل دار أبي سفيان فهو آمن).

فآمن أبو سفيان وحسن إسلامه وإيمانه، وأسلمت زوجته هند بعد ذلك وذهبت للنبي صلى الله عليه وسلم فقالت: (ما كان على وجه الأرض بيت أبغض إلي من بيتكم، والآن ما على وجه الأرض بيت أحب إلي من بيتكم، قال: وأيضاً)، يعني: أنك ستزدادين حباً فوق حب؛ بما عرفت من دين الله سبحانه تبارك وتعالى.

هذه المرأة الذي كان الحقد يملأ قلبها سنين طويلة على الإسلام والمسلمين ويشاء الله عز وجل أن يهديها قبل وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بسنتين فأسلمت وحسن إسلامها، وغيرها كثير كانوا من أشد الناس في الجاهلية كفراً وحنقاً على الإسلام والمسلمين، ولما دخلوا في دين الله ندموا على ما فعلوا قبل ذلك فالحمد لله الذي جعلنا مسلمين ولم يجعلنا في يوم من الأيام نكره هذا الدين ثم هدانا إليه، والحمد لله الذي هدانا لهذا الدين.

والإنسان الذي يرى نفسه على هدى وعلى طريق الله عز وجل يفرح بذلك، ولا ييئس غيره ولا نفسه من رحمة رب العالمين سبحانه، ولعل الله أن يهدي غيره من الناس الذين هم من أشد الناس كراهية للدين، كما هدى أولئك السابقين.

<<  <  ج:
ص:  >  >>