وكأنه حصل شيء بينه وبين امرأته، فقيل: إن المرأة جاءها الشيطان فوسوس إليها بشيء، وقال لها: اطلبي من أيوب كذا فإذا فعله فإن الله تبارك وتعالى يشفيه، فطلبت منه ذلك، فقيل: إنه أمرها بشيء من الشرك تطلبه من أيوب، فلما طلبته أقسم أيوب أن يضربها مائة جلدة على ذلك، وقيل غير ذلك.
فالمقصود: أنه أقسم على شيء فعلته هذه المرأة الصالحة الصابرة أن يضربها مائة جلدة، والله عز وجل أرحم الراحمين يقول له: ما ذنبها، وقد جلست معك هذه السنين الطويلة صابرة؟ وفي النهاية لو فرضنا أنها أخطأت في شيء فالله غفور رحيم كريم سبحانه.
فأمر أيوب: أن أوف بيمينك، ولكن اضربها ضربة واحدة.
قال تعالى:{وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا}[ص:٤٤] والضغث العثكول من النخل، وهو القنو المدلى الذي فيه البلح، فأمره أن يأخذ قنواً منه فيه مائة خوصة فيضرب بها المرأة ضربة واحدة، ليبر بقسمه، وجعل له الله عز وجل هذا المخرج، قال تعالى:{وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ}[الطلاق:٢ - ٣].
قال تعالى:{فَاضْرِبْ بِهِ وَلا تَحْنَثْ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا}[ص:٤٤] ثم مدحه الله سبحانه بقوله: {نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ}[ص:٤٤] وقال سبحانه هنا: {فَاسْتَجَبْنَا لَهُ}[الأنبياء:٨٤] أي: نادى فاستجبنا له.