قوله:((اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ)) ينشر من عباده المناقب، ويستر عليهم المثالب، ينشر مناقب عباده، فتسمع عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنهم كانوا يفعلون كذا وكذا، وكان جعفر بن أبي طالب ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم يقتدي بالنبي صلى الله عليه وسلم في الكرم، فكان رضي الله تبارك وتعالى عنه من أكرم الناس، ولما قتل إذا بأكثر من مائة بيت من أبيات المدينة يستشعرون: أين الطعام الذي كان يأتينا؟ فقد كان يذهب في الخفاء بالليل بالطعام للبيت الفلاني من غير أن يعرفوا من الذي جاء إليهم بذلك، فإذا بهم لما قتل شهيداً رضي الله عنه يفتقدون الطعام الذي كان يأتيهم، فـ جعفر رضي الله عنه الله كتم ذلك وأسره طاعة لله، وابنه كان يقتدي بأبيه رضي الله تبارك وتعالى عنه، وقتل شهيداً رضي الله عنه، وكان باراً كريماً رضي الله عز وجل عنه، فجعل الله له جناحين يسرح ويطير بهما في الجنة، ويأخذ من أرزاق الجنة من حيث يشاء.
فلم يكن وهو ينفق على الناس يقول: أنا جعفر بن أبي طالب أعطيكم هذا الطعام، وإنما كان يكتم ويستر؛ ولما مات نشر الله سبحانه وتعالى له هذا الفضل، فنعرف فضله، ونعرف فضل المنفقين من أصحاب النبي رضوان الله تبارك وتعالى عليهم، أسروا طاعة الله سبحانه؛ فإذا بالله ينشرها، ويطلع المؤمنون على فضل الله على هؤلاء، فيقتدون فهم، ويؤجر أولئك الصحابة مثل أجرهم، وكمثل أجر من يعمل بأعمالهم إلى أن تقوم الساعة.
((اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْقَوِيُّ العَزِيزُ))، فهو الذي يظهر الجميل، ويستر القبيح سبحانه، ويبذل الكثير، وييسر العسير بفضله وكرمه.
نسأل الله من لطفه وكرمه وفضله ورحمته فإنه لا يملكها إلا هو.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم، وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.