للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[موقف صفية بنت عبد المطلب من اليهودي الذي تسلل إلى الحصن]

وكان اليهود يحاولون أن يعملوا شيئاً في حصن من حصون المسلمين الذي فيه النساء، فاليهود غدارون كعادتهم، فالنبي صلى الله عليه وسلم جعل نساء المسلمين في حصن من الحصون وكان فيه حسان رضي الله تبارك وتعالى عنه، فكان في هذا الحصن نساء النبي صلى الله عليه وسلم والسيدة صفية بنت عبد المطلب عمة النبي صلوات الله وسلامه عليه وأخت حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه.

فقالت رضي الله عنها: كنا يوم الأحزاب في حصن حسان بن ثابت وكان فيه النساء والصبيان، وحسان لم يكن يقدر على القتال، فكان النبي صلى الله عليه وسلم يجعله في الحصن الذي فيه النساء والصبيان، فجاء مجموعة من اليهود فجعل أحدهم يدور حول الحصن، لعله لا يجد فيه رجالاً فيهجم اليهود على الحصن ويأخذون كل من فيه.

فطلبت صفية من حسان أن ينزل إليه، ولكن حسان كان شاعراً مجيداً رضي الله عنه، لم يكن يستطيع القتال، فلم ينزل رضي الله تبارك وتعالى عنه، فلما رأت ذلك السيدة صفية رضي الله عنها، إذا بها تأخذ عموداً من أعمدة الخيام، وتضرب به اليهودي على رأسه حتى قتلته رضي الله تبارك وتعالى عنها، وألقته على اليهود من الحصن.

فاليهود لما نظروا إليه قالوا: ما كان محمد ليدع نساءه وحدهن.

فالسيدة صفية كانت شديدة وجريئة، فعلت ما لم يفعله حسان رضي الله تبارك وتعالى عنه.

وهذا ليس أول ما فعلته فقد شهدت مقتل أخيها حمزة رضي الله عنه، والنبي صلى الله عليه وسلم خاف عليها أنها ترى في يوم أحد حمزة وهو مقتول والكفار قد شوهوه، فالنبي صلى الله عليه وسلم أمر الزبير أن يرد أمه حتى لا ترى أخاها حمزة وهو قتيل رضي الله عنه، فلما ذهب يردها فإذا بها تضربه في صدره وتقول: إليك عني، وتذهب بقوة وشجاعة وتنظر إلى أخيها وتسترجع وتتصبر رضي الله تبارك وتعالى عنها، في موقف لو أن رجلاً رأى مثله لعله ينهار، ولكن ثبتها الله تبارك وتعالى وصبرها ورجعت وأتت بكفنين ليكفن بهما حمزة رضي الله تبارك وتعالى عنه وأرادت أن تنقل حمزة على الجمال إلى المدينة، فنهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك وأمر بدفنه حيث قتل رضي الله تبارك وتعالى عنه.

فالسيدة صفية أرى الله سبحانه وتعالى كرامة على يدها لما قتلت اليهودي وألقته على اليهود، فخاف اليهود من هذا الحصن أن يكون فيه رجال يقاتلونهم، وانصرفوا عنه، ثم جعل الله عز وجل نعيم بن مسعود يخذل بين اليهود وبين الكفار حتى ارتعب الجميع، ثم إذا بالرياح تهيج عليهم فإذا بـ أبي سفيان من شدة رعبه يقول: يا معشر قريش! إني مرتحل.

<<  <  ج:
ص:  >  >>