فأجابهم بقوله:{قَالَ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ}[الأحقاف:٢٣] أي: لا أدري متى يأتيكم عذابكم، فعلم ذلك عند الله، وما علي إلا البلاغ، {وَأُبَلِّغُكُمْ مَا أُرْسِلْتُ بِهِ}، وهذه قراءة الجمهور بالتشديد، وقراءة أبي عمرو:{وأبُلْغكم مَا أُرْسِلْتُ بِهِ}.
{وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ}، هذه هي قراءة الجمهور، وقراءة نافع والبزي عن ابن كثير وأبي عمرو:((وَلَكِنِّيَ أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ)).
وقوله:(أراكم) قرأها بعض القراء بالإمالة، كـ الأزرق عن ورش وابن ذكون وأبي عمرو.
وقوله:((وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ)) أي: تجهلون ربكم سبحانه، وتجهلون ضعفكم، ولذلك استمعتم بالدنيا وظننتم أنكم قد غلبتم الناس جميعهم، وأنكم فوق البشر ولا يقدر أحد على أن يفعل بكم شيئاً، فلما ظننتم ذلك جهلتم.
فمن جهل الإنسان: ألا يعرف نفسه ولا يعرف أنه ضعيف، ولذلك فإن الله يذكره بحوادث الدهر، وينزل عليه المصائب، فيمرض أو يضيع منه ماله، أو يفقد الولد وغير ذلك من حوادث الدهر؛ حتى يتذكر أنه مخلوق ضعيف، وأنه محتاج إلى الله عز وجل، وأنه في هذا الكون جاء ليعيش فترة محدودة يعبد فيها ربه سبحانه ثم ينتهي لا محالة.
قال الله تعالى ((فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا)) أي: أنهم اغتروا فغرهم الله سبحانه وتعالى، فظنوا أنهم سيعيشون آمنين بحصونهم وجبالهم، فأتاهم العذاب من مأمنهم، وهذا من بطش الله وبأسه وانتقامه ممن كذب رسله كما ذكر في أكثر من سورة من سور القرآن.
نسأل الله العفو والعافية في الدين والدنيا والآخرة.
أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم، وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.