للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[تفسير قوله تعالى: (لكن الذين اتقوا ربهم لهم غرف من فوقها غرف مبنية)]

الحمد لله رب العالمين، وأشهد لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحابته أجمعين.

قال الله عز وجل في سورة الزمر: {لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِهَا غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ وَعْدَ اللَّهِ لا يُخْلِفُ اللَّهُ الْمِيعَادَ * أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الأَرْضِ ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطَامًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِأُوْلِي الأَلْبَابِ} [الزمر:٢٠ - ٢١].

يخبرنا الله سبحانه تبارك وتعالى في هذه الآيات وما قبلها عن حال المؤمنين يوم القيامة وعن نعيمهم في الجنة، وعن حال الكفار وما يعذبون به في النار، فأما الكفار فهم في طبقات جهنم ودركاتها، {لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ} [الأعراف:٤١] لهم عذاب أليم عند الله سبحانه وتعالى جزاءً بما كانوا يعملون.

أما المؤمنون فهم الذين اتقوا ربهم فخافوا من الله في الدنيا، وخافوا أن يغضبوا ربهم سبحانه، واتقوا عذاب الله وعقوبته، فأطاعوا ربهم بكل وجه من وجوه الخير والإحسان، وعبدوا الله وهم مستيقنون أنه ربهم سبحانه، وأنه يجازيهم على الإحسان في عبادتهم بالحسنى وزيادة، فكان لهم من الله الغرف التي جعلها في جنته، والغرف أعالي الجنات، قال تعالى: {لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِهَا غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ} [الزمر:٢٠]، ولابد وأن تكون الغرفة مبنية ولكن لتمييزها عن غيرها فهي مبنية لبنة من ذهب ولبنة من فضة، ومن زبرجد ومن ياقوت وأشياء لم يعهدها الإنسان ولم يرها، حيث يكون له قصر مبني من ذهب، أو مبني من لؤلؤ أو خيمة من لؤلؤة مجوفة، فهذا من نعيم الجنة.

فيذكر الله أنها مبنية، والذي بناها لهم ربهم سبحانه وتعالى، وجهزها لهم وجعلها جنات عاليات، نسأل الله أن يجعلنا من أهلها.

<<  <  ج:
ص:  >  >>