[تفسير قوله تعالى:(فجمع السحرة لميقات يوم إن كانوا هم الغالبين)]
وجاء السحرة من كل أنحاء مصر، قال تعالى:{فَجُمِعَ السَّحَرَةُ لِمِيقَاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ}[الشعراء:٣٨] أي: في اليوم المحدد لحضور ذلك.
قال تعالى:{وَقِيلَ لِلنَّاسِ}[الشعراء:٣٩] يعني: ففرعون هو الذي جمع السحرة وجمع الناس؛ لكي يشاهدوا هزيمة موسى بزعمهم وظنهم، ولو كان هذا إنساناً عاقلاً ما فعل ذلك؛ لأن موسى سيريه آيات لا يقدر عليها أحد من البشر، وبسبب عناده أعماه الله عز وجل عن الحجج، فقيض الله له من يشهد عليه أنه على الباطل.
قال تعالى:{لَعَلَّنَا نَتَّبِعُ السَّحَرَةَ إِنْ كَانُوا هُمُ الْغَالِبِينَ}[الشعراء:٤٠]، وانظر إلى منطق الجهلة والحمقى والمغفلين، فهم لا يقولون: لعلنا نتبع الحق، أو لعلنا نتبع من يغلب، فمنطقهم مثل منطق أهل الجاهلية الذين قالوا:{اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ}[الأنفال:٣٢]، والمفترض أن الإنسان العاقل يقول: يا رب إذا كان هذا حقاً فاهدني إليه وأدخلني فيه، وكذلك هؤلاء الجهلة من المفترض أن يقولوا: لعلنا نتبع الغالب، ولعلنا نتبع من ظهر الحق معه، لكنهم قالوا:{لَعَلَّنَا نَتَّبِعُ السَّحَرَةَ}[الشعراء:٤٠] أي: نحن مع هؤلاء السحرة: {إِنْ كَانُوا هُمُ الْغَالِبِينَ}[الشعراء:٤٠].