للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[المالك الحقيقي هو الله سبحانه]

قال تعالى: {ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ} [فاطر:١٣]، وقال تعالى: {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ} [الملك:١] سبحانه وتعالى!!.

وإذا تخيلت شيئاً من ملكوت الله سبحانه كهذه المجرات والشموس والأقمار التي هي في الدنيا، فتخيل السماء والسماوات التي لم يطلع عليها أحد.

وقد أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم: (أن سمك السماء الواحدة مسيرة خمسمائة عام، وأن ما بين السماء والسماء مسيرة خمسمائة عام)، ثم فوق السماء السابعة ما يشاء الله عز وجل من خلق، ثم فوق ذلك سدرة المنتهى، ثم فوق هذا كله عرش الرحمن سبحانه وتعالى.

وقد قال صلى الله عليه وسلم: (ما السموات السبع في الكرسي إلى كحلقة في فلاة)، والكون هذا كله في السماوات كحلقة في فلاة أيضاً، وإذا قورن الكرسي بالعرش فهو لا شيء بالنسبة للعرش.

ثم قال سبحانه: {ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ} [فاطر:١٣]، أي: لا يملكون شيئاً، فالملك الحقيقي هو لله حتى وإن أعطاك المال، وحتى لو زعمت أنك اكتسبته بعرق جبينك فلن تأخذه معك إلى القبر يوم وفاتك، فالملك هو الله عز وجل حقيقةً، وقد حاول الفراعنة في الماضي أن يدفنوا الذهب مع الأموات في القبور، فجاء من بعدهم من نبش هذه القبور وأخرج ما فيها من الذهب فلم يستطيعوا عمل شيء بها، والقطمير: هو الغلاف الرقيق الذي يغطي نواة التمرة، والنقير: هي النقرة وراء النواة، وأما الفتيل: فهو الخيط الرقيق الموجود وسط النواة، فخاطب الله العرب بشيء محسوس يعرفونه في طعامهم، ومعنى الآية: أن القطمير والفتيل والنقير لا تملكه أنت، بل يملكه الذي أوجده وهو الواحد القهار، بل ولو دعي الإنسان الضعيف إلى صنع نواة كهذه توضع في الأرض فتنبت شجرة باسقة لما استطاع إلى ذلك سبيلاً، قال تعالى: {مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ} [فاطر:١٣]، فالذي يملك هذا كله، هو الله سبحانه الذي خلق وأبدع وأوجد وجعله آية لخلقه.

وإذا نظرت إلى هذه الأصنام الآلهة المعبودة من دون الله سبحانه لعلمت أنها لا تملك لأنفسها نفعاً ولا ضراً ولا الشيء اليسير، وحتى الغني في مرض موته لا يستطيع أن يتصرف بماله إلا بالثلث فقط، مع أنه قد يكون هو الذي تعب في جمعه، ولكن الله يأبى أن يكون الملك إلا له سبحانه وتعالى؛ ولذلك فعلى الإنسان أن ينتهز الفرصة فيتصدق لله عز وجل في صحته وعافيته؛ ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه: (أيكم مال وارثه أحب إليه من ماله؟ فكلهم قالوا: كلنا ماله أحب إليه من مال وارثه، قال: فمالك ما ادخرته عند الله سبحانه وتعالى)، أي: أنه يكون باقياً عند الله عز وجل: (ومال وارثك ما أبقيته لهم)، فما جمعته ونميته من ثروة هو مال الوارث في الحقيقة، أما مالك أنت فهو ما أنفقت لله سبحانه وتعالى.

<<  <  ج:
ص:  >  >>