للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[تفسير قوله تعالى: (ولو نشاء لجعلنا منكم ملائكة)]

قال عز وجل: {وَلَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَا مِنْكُمْ مَلائِكَةً فِي الأَرْضِ يَخْلُفُونَ} [الزخرف:٦٠] لو شئنا لأنزلنا ملائكة من عندنا وجعلناهم يمشون في الأرض، ولكن لو نزلنا ملكاً من السماء فإن الناس لن يؤمنوا طوعاً حين يرون هذا الملك وإنما سيؤمنون قهراً، والله لا يريد ذلك، فلو أنه نزل ملكاً فمن سيجرؤ أن يقول: للملك: لا لن نؤمن فإذا كان ملك من ملائكة الله سبحانه تبارك وتعالى أخذ قرية ورفعها وقلبها على أهلها من الناس فلو نزلنا ملكاً من السماء لجعلنا هذا الملك بشراً أي: في صورة بشر {وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِمْ مَا يَلْبِسُونَ} [الأنعام:٩] أي: لخلطنا عليهم فلا يعرفون أهذا ملك أم بشر يدعي أنه ملك على صورة بشر؟ كما قال لهم النبي صلى الله عليه وسلم: أنا رسول من رب العالمين ولم يصدقوه فما الذي يجعلهم يصدقوا أنه ملك، فإما أن نجعله على صورة الملك فلا يطيقون أن ينظروا إليه ولا أن يسمعوا منه وسيخافون منه، أو نجعله على هيئة البشر فلبسنا عليهم ما يلبسون ويختلط عليهم الأمر ويقولون لن نصدقك فلا ينفع مع هؤلاء إلا بشر من البشر.

قال الله سبحانه: {وَلَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَا مِنْكُمْ مَلائِكَةً فِي الأَرْضِ يَخْلُفُونَ} [الزخرف:٦٠] لجعلناهم يخلف بعضهم بعضاً فهذا ملك رسول وبعده ملك آخر رسول وبعده ملك آخر رسول، ولكن مشيئة الله عز وجل أبت إلا أن يكون الرسول من البشر وأن يدعو الخلق فيكون منهم المؤمن ومنهم الكافر لحكمة من الله سبحانه.

وللحديث بقية إن شاء الله.

أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم.

وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

<<  <  ج:
ص:  >  >>