[حكم التطهر بالمياه النازلة من السماء والنابعة من الأرض]
وهنا يذكر الإمام القرطبي في تفسيره في الماء الطهور: أن المياه المنزلة من السماء والمودعة في الأرض طاهرة مطهرة على اختلاف ألوانها ورياحها حتى يخالطها غيرها.
يعني: أن الماء الذي نزل من السماء طاهر وطهور، حتى لو تغير لونه؛ لأنه في الأصل ماء طاهر، وكذلك الماء النابع من الأرض، إلا أن يتغير بنجاسة فيبقى له حكم الماء النجس، لكن إذا لم تغيره نجاسة كماء البئر والنهر والبحر فهذا ماء طاهر، سواء كان مالحاً أو عذباً، فعلى ذلك: مياه الآبار حتى وإن تغيرت بالمجاورة بالرمال أو بالتراب الذي حولها فهي طاهرة مطهرة، فيتطهر بها الإنسان ويتوضأ ويغتسل ويشرب منها، فعلى ذلك: يكون الماء الخارج من الأرض طاهراً في الأصل، لكن إذا وقعت فيه نجاسة فغيرته أو أخرجته عن وصفه؛ فإن كان ماءً قليلاً تنجس، وإن كان كثيراً فهو طاهر بشرط: ألا يتغير؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول في الحديث:(إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث، أو قال: لم ينجسه شيء).
والقلتان: حوالي: خمسة أمتار مكعبة من الماء؛ فإذا كان الماء بهذا الحجم فهو كثير، فإذا وقعت فيه نجاسة ولم تغيره فهو باق على أصل خلقته، والحديث بمنطوقه يدل على ذلك، أما مفهومه فيدل على أن الماء يتنجس إذا كان أقل من القلتين.