قال الله تعالى:{وَقَوْمُ إِبْرَاهِيمَ وَقَوْمُ لُوطٍ}[الحج:٤٣]، فقد ناظر إبراهيم على نبينا وعليه الصلاة والسلام النمرود ودعاه إلى الله، بعد أن قال عن نفسه: إنه الرب، وقال: أنا أحيي وأميت.
فقال إبراهيم:{فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ}[البقرة:٢٥٨]، أي: إن كنت صادقاً فافعل هذا الشيء، فلم يقدر على ذلك، وحرم إبراهيم من الطعام ولم يعطه، وقد جاء ليشتري منه طعاماً فرفض أن يعطيه؛ لأن إبراهيم أفحمه أمام الناس، ورجع إبراهيم، وأهلك الله عز وجل هذا الجبار بجنوده سبحانه وتعالى، فقد أرسل عليه سبحانه وتعالى الدبابير، أو البعوض، فأخذته وأهلكته، فجعله آية للخلق.
وكذلك قوم لوط، فقد كان لوط يدعو قومه إلى دين الله سبحانه، وهم في أرض الشام، فدعاهم إلى الله، وكانوا يأتون الفاحشة، قال:{أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ * وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ}[الشعراء:١٦٥ - ١٦٦]، فاستكبروا عليه، {قَالُوا لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يَا لُوطُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمُخْرَجِينَ}[الشعراء:١٦٧] أي: قالوا كما قال قوم نوح لنوح قبل ذلك: {قَالُوا لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يَا نُوحُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمَرْجُومِينَ}[الشعراء:١١٦] فقوم نوح قالوا: نرجمك، وقوم لوط قالوا: نخرجك، فإذا بالله عز وجل يهلك قوم لوط الذين كانوا يأتون الذكران من العالمين، فقال:{وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوَى * فَغَشَّاهَا مَا غَشَّى * فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكَ تَتَمَارَى}[النجم:٥٣ - ٥٥].
فكانت العقوبة أن أرسل عليهم سبحانه حجارة من سجيل من نار جهنم، فأهلك الجميع وأبادهم، بعدما رفعهم واقتلع أرضهم وقلبها على رءوسهم.