لما أمر الله سبحانه وتعالى عباده في هذه الآيات بدعائه بقوله:{وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ}[غافر:٦٠]، وعد بالإجابة على الدعاء فقال:{أَسْتَجِبْ لَكُمْ}[غافر:٦٠]، وأخبر عن الذين يستكبرون عن الدعاء فقال:{إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ}[غافر:٦٠]، فالمتكبر عن توحيد الله سبحانه، والمتكبر على ربه سبحانه هو الذي لا يدعوه ولا يطلب منه سبحانه وتعالى، والمتكبر على دين النبي صلى الله عليه وسلم لا يدخل فيه ولا يتابعه عليه.
قال تعالى:{سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ}[غافر:٦٠]، أي: سوف يدخلهم الله سبحانه نار جهنم، قال تعالى:{يَوَمَ يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا}[الطور:١٣]، فيساقون إليها تسوقهم الملائكة فيدخلون جهنم وهم يدفعون إليها.
وقوله:{سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ}[غافر:٦٠]، هذه قراءة الجمهور، وقرئ:(سيُدخَلون جهنم) وهي قراءة ابن كثير وشعبة عن عاصم.
أي: يدخلهم ربنا سبحانه أو تدخلهم الملائكة.
وجهنم هي نار الآخرة، وسميت بذلك لبعد قعرها، فالحجر يلقى من فوق شفيرها ولا يصل إلى قعرها إلا بعد سبعين سنة، وقد خلقها الله عز وجل ليعذب بها من عصاه، نسأل الله العفو والعافية وأن يجيرنا من عذاب النار.
قال تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي}[غافر:٦٠]، أي: يستكبرون عن توحيد الله، وعن دعاء الله، وعن متابعة كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، {سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ}[غافر:٦٠]، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم كيف يدخلون النار وأنهم يحشرون كأمثال الذر في صور الرجال، فالذي يستكبر ويرى نفسه كبيراً عن أن يتابع كتاب الله وسنة النبي صلى الله عليه وسلم، فاستكبر في نفسه، ووجد نفسه أكبر من الخلق، فالله يحقره ويذله ويهينه، ويجعله يوم القيامة مثل النملة، فيحشر على مثل هذه الصورة، والله يفعل ما يشاء سبحانه وتعالى، وقد جاء في الحديث الذي رواه الترمذي وهو حديث صحيح:(إن الله عز وجل يحشر المتكبرين كأمثال الذر في صور الرجال حتى يدخلهم نار الأنيار)، أي: أشد جزء في النار سعيراً والتهاباً يدخل الله عز وجل فيه المتكبرين عن عبادته سبحانه وتعالى.