في هذه الآيات من سورة الحج يخبرنا الله سبحانه تبارك وتعالى عن نعمة من نعمه سبحانه تبارك وتعالى على عباده، وهي البدن، فقال:{وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ}[الحج:٣٦]، والبدن هي الإبل، وتطلق أيضاً على البقر، فجعل الله عز وجل بهيمة الأنعام نعماً لعباده يأكلون منها، ويركبون منها، ويستخدمون أشعارها وأوبارها وأصوافها أثاثاً ومتاعاً إلى حين, وجعلها لهم من شعائر الحج فقال:{وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ}[الحج:٣٦]، شعار جمع شعيرة، والشعيرة المعلم والمنسك، فهي من بعض شعائر الله، ومن المناسك العظيمة في أيام الحج.
قال:{لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ}[الحج:٣٦] أي: لكم فيها منافع دنيوية، في بيعها وشرائها، والاستفادة من ألبانها ومن وبرها ومن نسلها، وكذلك ركوبها حتى تنحر في محلها.
{فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ}[الحج:٣٦]، هذا فيه بيان كيفية نحر الإبل، فإنها تنحر بأن تطعن في لبتها بسكين ونحوه وهي قائمة معقولة اليد اليسرى، يعني: يدها اليسرى مربوطة مثنية إلى ركبتها التي في يدها، بحيث تكون واقفة على ثلاث قوائم فقط، على اليد اليمنى والرجلين، أما اليد اليسرى فتكون مربوطة مرفوعة، فإذا طعنها في لبتها تسقط على الأرض، فهذه من شعائر الله سبحانه تبارك وتعالى، ونحرها يكون على هذه الصفة.
والسنة في الإبل أن تنحر، والسنة في البقر والغنم أنها تذبح، ويجوز في البقر النحر.
((فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا)) يعني: سقطت على الأرض بعدما طعنت.
قال الله عز وجل:{وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ}[الحج:٣٦] وفي الآية الأخرى قال: {وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ}[الحج:٢٨] فالبائس: الإنسان الذي في ضيق وفي شدة ونزلت به مصيبة من مصيبات الدهر، فأطعموا هذا الإنسان المحتاج، وأطمعوا الفقير، والقانع هو الذي قنع بالسؤال، والمعتر الذي لم يسأل، فكأنك تهدي لهذا المعتر، وتعطي الفقير السائل، وتأكل منها، فتقسم الأضحية أثلاثاً، ولا يشترط أن تكون الأثلاث متساوية، وإذا كان أكثرها في الصدقة هذا الأفضل.