تفسير قوله تعالى:(ولئن سألتهم من نزل من السماء ماءً)
قال سبحانه:{وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ اللَّهُ}[العنكبوت:٦٣]، من الذي ينزل من السماء ماءً؟ ومن الذي يرسل الرياح ويسيرها كيف يشاء؟ إنه الله سبحانه وتعالى؛ فإنه ينزل الغيث ويسقي به بلدة ميتة، وينزل الغيث ماءً كثيراً غدقاً غير رائث من فضله سبحانه وتعالى.
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يطلب منه أصحابه أن يدعو ربهم أن يسقيهم، فإذا به يقف وهو في خطبته ويقطع الخطبة ويدعو ربه سبحانه، فإذا بالمطر ينزل من السماء، فمن الذي أتى بهذا المطر وهم يرون السماء صافية والشمس مشرقة وليس بينهم وبين جبل سلع من سحاب، فإذا بسحابة تنشأ وتتوسط السماء وتنزل على العباد رزقاً من عند الله سبحانه وتعالى؟ إنه الله وحده الذي ينزل الغيث، وقد زعم الكفار أنهم حاولوا ذلك وقدروا على شيء من ذلك! قالوا: ننتظر سحابة مليئة بالماء وحين تأتي نرمي عليها بشيء من صواريخ أو شيء من تراب أو حاجة تفجر هذه السحابة فتنزل الماء، فهنا يقال: ما الذي صنعوا من ذلك؟ ومن الذي جاء بالسحابة؟ ومن الذي خلقها؟ ومن الذي سيرها؟ ومن الذي ملأها بالماء؟ إنه الله، وهم حين يفعلون ذلك قد ينزل شيء من رذاذ المطر وقد لا ينزل شيء، فالله عز وجل هو الذي ينزل ما يغيث به العباد، ولم يذكر رذاذاً من المطر، إنما قال:{إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خبِيرٌ}[لقمان:٣٤].
نسأل الله العفو والعافية في الدين والدنيا والآخرة.
أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم، وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.