[تفسر قوله تعالى:(إن يشأ يسكن الريح فيظللن رواكد على ظهره)]
قال تعالى:{إِنْ يَشَأْ يُسْكِنْ الرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ عَلَى ظَهْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ}[الشورى:٣٣] كانت السفينة في السابق تتحرك عن طريق الشراع الذي تدفعه الريح، فالله قادر على أن يوقف الرياح فلا تتحرك هذه السفينة.
وكذلك السفن التي عمدة حركتها في البحر اليوم على المحركات فالله قادر أيضاً على إيقافها عن الحركة، فمهما صنع الإنسان من أشياء فهي بيد الله، وتحت قدرته، إن شاء سيرها وإن شاء دمرها، فليحذر الإنسان من الغرور، وعليه أن يحمد ربه على ما أعطاه ليزيده، كما قال تعالى:{لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ}[إبراهيم:٧].
والغواصة الروسية المسماة:(المدمرة) كانت قد تعاظمت نفوس أصحابها، فحبسها الله في البحر بشبكة صيادين التفت حول مروحتها فأشرف طاقمها على الغرق لولا أنهم أسعفوا، فالله تعالى يسبب الأسباب، ويدبر لعباده أمر محياهم ومماتهم، ومعاشهم وحياتهم، ليشكروه فيزيدهم من فضله سبحانه.
قال تعالى:((فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ عَلَى ظَهْرِهِ)) الركود: التوقف على ظهر الماء وعدم الحركة، ((إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ)) أي: في ذلك آيات عظيمة باهرة، وهي معجزات عظيمة أن يخلق الله هذا الماء، ويجعل هذه السفينة تقف عليه وتتحرك، ولكن لمن هذه الآيات؟ ((إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لكل صبارٍ)) الصبار: كثير الصبر على قضاء الله وقدره، يصبر فيعتبر ويتفكر، فينتفع بهذه الآيات، فهو في وقت البلاء صابر، وفي وقت الرخاء شاكر، وهذا المنتفع بهذه الآيات يركب سفينته فيقول:{بِاِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ}[هود:٤١].
وإذا ابتلاه الله عز وجل دعا ربه سبحانه وتعالى، وإذا أنعم عليه وأعطاه حمد الله تعالى، فهو صابر في وقت الصبر، وشاكر في وقت النعمة، فاستحق أن يذكر الله سبحانه وتعالى وصفه أنه يعتبر بهذه الآيات:{إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ}[إبراهيم:٥].